Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
21 novembre 2013 4 21 /11 /novembre /2013 21:07

عن قمع احتجاج الجالية الاثيوبية في الرياض |

بقدرة قادر، أصبحت الجريمة منتجاً اثيوبيا، و تم انتاج الكراهية عبر كل الصحف المحليّة من خلال نشر الشائعات وتبرير القتل والاضطهاد لتكمل بذلك مشروع الدولة العنصري والاستبدادي "حملة تصحيح اوضاع العمال الأجانب" الذي بدأت العمل به في شهر إبريل الماضي.

يبدو عنوان الحملة جذابا جدا للمواطن المحلي ويحمل اليه الكثير من الآمال في القضاء على البطالة وخلق فرص عمل مختلفة، حيث يعتقد هذا المواطن المسكين أنه أحق بها من العامل الأجنبي الذي جاء ليستولي على عمله وحقوقه كما تروج آلة الدولة الإعلامية والأيديولوجية!

لقد تم تهجير ما يزيد عن 900 ألف عامل من جنسيات مختلفة أجنبية وعربية في أوسع حملة عنصرية ممنهجة تهدف في جوهرها إلى تقسيم الطبقة العاملة وإضعافها عبر مجموعة من الممارسات القمعية كالتشريد والتهجير والاعتقال وفرض الغرامات المالية الباهظة. ولم يستثن من تلك الاجراءات الوحشية العمال السوريون، في وقت تدّعي الدولة وقوفها الى جانب الشعب السوري في ثورته ضد نظام الأسد الأستبدادي!

بينما نجد في المقابل، أنه جرى تقديم كل التسهيلات والاستثناءات لأصحاب رؤوس الأموال وملاك المنشآت التجارية والصناعية الكبرى الأمر الذي يدل على أن الهدف من تلك الحملة ليس تصحيح أوضاع العمال المخالفين لنظام الإقامة، بقدر ما هو محاولة لتفتيت طبقة العمال البروليتاريين الأكثر عرضة للاستغلال والاضطهاد ومنع تلك الطبقة من كل أسباب التطور والتوحد!

في الحقيقة، إن ما حدث في منطقة منفوحة في الرياض من احتجاجات واسعة للعمال الأفارقة وبالأخص من الجنسية الأثيوبية، هو نتيجة طبيعية للاستغلال والاضطهاد الذي يمارس ضد العمال الأجانب. لقد تم مواجهة تلك الاحتجاجات بقمع وحشي. وهي ليست المرة الأولى التي نشاهد فيها القمع الامني في تلك المنطقة بالذات.

نحن لا نستغرب تلك الممارسات حيث تشكل المؤسسة الامنية سلاحاً طبقياً لتوفير الأمن للطبقة الحاكمة وفرض سيادتها على مختلف الطبقات الأخرى، ومن خلال هذا الطرح نريد توضيح عدة نقاط بخصوص تلك الاحتجاجات الأخيرة وتفنيد الشائعات والرد على شتى المغالطات المكررة في وسائل الإعلام المحلية:

إن وجود العمال الأجانب، بمن فيهم العمال من الجنسية الأثيوبية، كان عنصرا مهما في بناء الاقتصاد المحلي. لقد تم استغلال تلك الشريحة لتوفير العمالة الرخيصة للمشاريع المختلفة وبالتالي زيادة وجني المزيد من الأرباح لصالح الرأسماليين. لقد استفادت الطبقة الرأسمالية وقطاعها الخاص من وجود تلك الشريحة. كما استفادت الحكومة أيضا من تلك العمالة في عدد من الوزارات والبلديات.

ان فشل مشروع "نطاقات" الذي يهدف إلى "سعودة" المهن في القطاعات المختلفة والذي رأينا انه لم يحقق أي إنجاز يذكر. فما زالت نسب العاطلين عن العمل في ازدياد وبيروقراطية مؤسسات الدولة تُبقي الوضع المزري على ماهو عليه. كل ذلك أدى إلى اعتماد سياسات أكثر شراسة ضد الطبقة العاملة ومحاولات لمعالجة أزمة البطالة عبر معايير قمعية وذلك بالطبع لا يقدم حلا للأزمة، بل إنها سياسة الطبقة الحاكمة والرأسمالية المحلية في إيجاد الحلول: صناعة كارثة جديدة لحلّ الكارثة الحالية!

إن الاجانب لا يُشكلون الاغلبية الساحقة في منطقة منفوحة التي حدثت فيها الاحتجاجات الأخيرة، ولا يُشكلون خطراً حقيقياً، ان من نتائج التهميش والإقصاء الممنهج الذي تعرضت له شريحة اجتماعية لا تستطيع الحصول على قوتها اليومي ولا حتى توفير مستلزمات الحياة من صحة وتعليم و هذا يشمل العديد من الأعراق المختلفة من تلك الطبقة المهمشة ومنهم سعوديين وهنود وباكستانيين وفليبينيين وبنغلاديشيين، ساهم في ظهور شريحة من البروليتاريا الرثّة المتمركزة في تلك الاحياء المهمشة وقد امتهنت بعض الشرائح شتّى اساليب النهب والإجرام.

يسمع المواطن السعودي أخبار النهب والإجرام عبر الصحف المحلية كما لو ان الجريمة تخرج من العدم وتجتاح المجتمع من دون أي سبب!! وتتزامن أخبار تلك الجرائم مع تصاعد آلة الدولة الدينية في لوم المواطن عبر تحريضه للعودة إلى الدين والأخلاق حيث بُعده عنهما هو السبب في زيادة معدلات الجريمة! بينما في الواقع إن الطبقة الحاكمة هي من خلقت البيئة المناسبة لانتشار الجريمة عبر ممارسات الاستغلال المختلفة!

يقوم امراء العائلة الحاكمة ورجال الأعمال باستقدام أعداد كبيرة من العمال الأفارقة وبالذات من أثيوبيا ليعملوا في ممتلكاتهم الخاصة كخدم وسائقين لاستغلال قوة عملهم مقابل أجور زهيدة للغاية في ممارسة أقرب للعبودية الصرفة. ولا يتوقف الأستغلال عند هذا الحد، بل يتم تأجير قوة عملهم لأشخاص آخرين وفي مهمات أخرى قد تكون غير اخلاقية بهدف تحصيل المزيد من الربح!

لقد استخدم رجال الامن السلاح خلال الاحتجاجات واغتالوا رجلاً اثيوبيا حاول الفرار من المساءلة القانونية، بالرغم من ان استخدام السلاح في تلك الحالة لم يكن مبررا أبدا. ومع ذلك، لم تتحرك الجالية الأثيوبية للاعتراض ضد العنف البوليسي الا بعد ان رفضت السلطات تسليم الجثة! إن هذه السياسة الاستفزازية والقتل غير المبرر وعدم تسليم الجثة هي في الحقيقة انتقاص واحتقار وممارسة عنصرية تستخدمها السلطات المحلية على مر تاريخها القذر! إن تلك الحادثة بالذات هي السبب الحقيقي خلف الاحتجاجات في منطقة منفوحة!

إن تهرّب السلطات أصبح أمراً اعتياديا ومكرراً! فترمي بكل كوارثها على الفقراء والمُعدمين عبر مجموعة من التبريرات الساذجة والتهم الجاهزة، فتهمة الخيانة للشيعة وعلاقتهم بإيران، واتهام الأجانب بأنهم وراء نهب المال العام، كلها في الواقع تُهم غير صحيحة وشائعات تستحق التفنيد والنقد.

إن أصحاب رؤوس الاموال من الأجانب، أمثال سعد الحريري لم يتعرضوا للمساءلة بخصوص نهب المال العام أو الاقامة في السعودية، فالحرية هنا تُمنح للبرجوازية الاجنبية بينما يتهمون الكادحين الاجانب بالنهب والجريمة!

إن حملة التصحيح التي استهدفت العمال الأجانب، تنتهج العنصرية والاستبداد وتمارس شتى أنواع القمع ضد العمال من مختلف الجنسيات. وما مورس ضد العمال الأثيوبين يندرج تحت ممارسات الدولة الأستبدادية والعنصرية.

نحن هنا نعلن تضامننا الكامل مع العمال الأجانب، الذين لهم كل الحرية في المطالبة بالحقوق. فالمُجرم الحقيقي هنا، هم رجال الأمن - أداة وسلاح الطبقة الحاكمة- في تأبيد القمع وممارسة الاستغلال ضد الكادحين والفقراء والمعدمين!

فاطمة علي

Partager cet article
Repost0

commentaires