Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
7 mars 2013 4 07 /03 /mars /2013 11:21

آذار 2013 الـثــورة أنـثـى


الاربعاء 6 آذار (مارس) 2013

فواز طرابلسي

شاركت المرأة العربية في الثورات العربية على مدى السنتين الماضيتين بأشكال وأدوار مختلفة. ومع ذلك، يطل عيدها وسط محاولات حثيثة لاعادتها الى البيت والى «بيت الطاعة» مع ما يرافق ذلك من استخدام للتشريعات وللممارسات الاجتماعية ضدها.

كل ما يرمي الى الارتداد على الدولة المدنية يصيب المرأة. وهذا الارتداد يتجلى على انه الدأب المركزي للحركات الاسلامية في السلطة او خارجها. فتعميم قوانين الاحوال الشخصية الشرعية والمذهبية يكرّس ويعمم التمييز ضد النساء في الحقوق والاحوال الشخصية (في الاسلام والمسيحية معا). والسعي لتغليب التشريع الديني على التشريع المدني - وعلى الديمقراطية! - يلقى ترجَمته في الانقلاب على مبدأ المساواة السياسية والقانونية بين المواطنين وعلى المساواة بين الرجل والمرأة على حد سواء. ومن اشكال التمييز هذه حرمان الام من الحق في منح جنسيتها لاولادها، المستمرة في لبنان رغم الحملات ضدها.

يجب الاعتراف بأن ثمة إطباقا تدريجيا لحالة من المحافظة الاجتماعية والضبط الديني التحريمي على نواحي الحياة المختلفة يطاول منع الاختلاط بين الجنسين في البيت (بين الرجل وابنته!) والعمل (إرضاع الزميل!) والمدرسة والحقل العام، قبل ان يلقي الحرم على صوت المرأة وشَعر المرأة وجسد المرأة بما هي «عورة». في تونس، قرّر وزير التعليم معاقبة طالبات احدى الثانويات لانهن رقصن في باحة المدرسة. وفي تعزّ وصنعاء يكفّر مشايخ اصوليون الصحافيات والناشطات اليساريات، ويحللون دماءهن، فيما زملاؤهم في سوريا يفرضون الحجاب والعزل الاجتماعي على النساء بقوة السلاح حيث تسنّى لهم ذلك.

ولا يستغربن احدٌ ان يأتي الجواب «الشرعي» على مشكلات البطالة بإخراج النساء من سوق العمل. السابقة الجزائرية شاهد على ذلك. ما بالك ! ثمة حل ديني لكل شيء عندما يكون «الاسلام هو الحل». فقد أفتى وزير المالية التونسي بأن مشكلة البطالة «لا تحلّها الا معجزة! »

التزويج المبكر يبلغ ذروته في يمن «المبادرة الخليجية» المرعية اميركيا، ولكن تطبيقاته الاخرى منتشرة من المحيط الى الخليج. ارتفعت نِسَب تعدّد الزيجات مع مجيء الاسلاميين الى الحكم. ومعها تصاعدت موجات العنف ضد النساء بمختلف الأشكال. والتحرّش الجنسي لا يعفي المتحجبات. تريد نظرة غربية استشراقية ان تنسبه الى الكبت الجنسي عند الشباب. مع ان الجرأة على التحرّش وانتشاره والتمادي فيه تتغذى ايضا وخصوصا من الاطمئنان الى التواطؤ الاجتماعي الواسع على اعتبار المرأة كائناً دونياً وغياب التشريعات والعقوبات الرادعة لمثل تلك الاعمال. ولا تزال حياة المرأة تزهق، على اعتبار أن حياتها، بل الحياة بذاتها، أرخص من «شرف العائلة» و«عرض» الرجل. وهنا ايضا يتشجع القتلة بالتواطؤ الاجتماعي والاحكام التخفيفية في القوانين على ما يسمّى «جرائم الشرف». وإذ يستعر الاقتتال الاهلي في بعض الثورات، يصير الاغتصاب سلاحا حربيا. وتنتشر مع الحروب واللجوء ظاهرة تسليع الجسد النسائي ابتداء ببيع الفتيات من ذُكور ميسورين، غالبا من الخليج العربي، وصولا الى البغاء.

وهكذا فيما جذور الاستبداد السياسي والسلطوي تتخلخل، تتكاثر وتتراكم محاولات المحافظة على جذور الاستبداد الذكوري في المجتمع. ولكن حذار ! ان الذكورية المتسلطنة في المجتمع قابلة لاعادة انتاج الاستبداد السياسي بسرعة الضوء. تقاوم النساء ويقاوم الشباب، ذكورا واناثا، وكلاهما ضحايا التهميش والعزل والتمييز بحقهم من قوى الردة بقدر ما هما شريكان في مقاومتها. وكم هو معبّر ان يتحدى الشباب التحريمات الملقاة على الاجساد بواسطة رقصة «هارلم شايك» المستوحاة من رقصة منتشرة في احياء الافارقة الاميركيين الفقراء والمتمردين في ضاحية «هارلم» بنيويورك.

ثمة مقاومات وانتفاضات متفرقة ترهص ببصيص امل يضيق عنها هنا المجال وتقصّر دونها المعلومات المتوافرة. ولكنها تنبئ بأن «اول الرقص حنجلة». والمؤكد انه مثلما اطاحت الثورات بأفكار وممارسات واشكال تنظيمية كانت مهيمنة وسائدة خلال ربع القرن الاخير، كذلك تلحّ الضرورة لاجراء مراجعة جذرية لما تضمنته تلك الافكار والممارسات والاشكال التنظيمية المخصوصة بتحرر المرأة. فإذ عمّدت السيّدة هيلاري كلنتون المرأة في مصر «أقلية» (مع انها الاكثرية العددية) أجازت وضع النساء تحت رعاية ووصاية «الاكثرية الذكورية» المتمثلة بالسلطة الاخوانية! هذا اكتشاف جديد يبدد وهما آخر من الاوهام المعلّقة على السياسات الاميركية تجاه الثورات. من جهة ثانية، تبيّن ان «تمكين المرأة»، الشعار المركزي للامم المتحدة حول المرأة، جعلها مفعولا به لا فاعلا في عملية تحررها. فما كان أسهل من الالتفاف على هذا «التمكين» من علياء الابوّة الذكورية تكتفي بتعيين نساء في مراكز ادارية او سياسية عديمة الاهمية والتأثير كما في حال الوزيرات او المديرات العامات في الخليج. هذا حتى لا نتحدث عن تعيين نساء في مجلس الشورى السعودية في الوقت الذي لا يستطعن المجيء لحضور الجلسات الا برفقة «محرم»

«الثورة انثى». تقول اليافطات في الثورات والهتافات. وحري بالثورة الانثى أن ترشد النساء الى الدرس الرئيس الذي تعلمته ملايين النساء والرجال في الثورات. اعني التمكن الذاتي للشعوب إن هي ارادت انتصار الحياة والحرية والعدالة والمساواة.

فهل تكون سنة ٢٠١٣ سنة الثورة النسائية والنسوية داخل الثورات؟

هو الامل الذي نأمله بالتي «تنتج الحياة الحقيقية» في عيدها.

fawwaz.traboulsi@gmail.com

السفير- 6 مارس 2013

 

 


Partager cet article
Repost0

commentaires