Overblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
25 mai 2012 5 25 /05 /mai /2012 22:15
Anonymous ART of Revolution
 

احتفلت الثورة السورية في 15 آذار 2012 بمرور عام على بدءها بمزيد من القتل والقمع. وحصيلة حملة النظام على الثورة بلغت أكثر من 10 آلاف شهيد، وجرح أكثر من 35 ألف جريح وأكثر من 65 ألف مفقود وأكثر من 212 ألف سجين. وقمع النظام مستمر.

إصرار السوريين في صراعهم ضد النظام الديكتاتوري الإجرامي مشكوك بأمره من قبل بعض التيارات اليسارية في العالم، وحتى وسط الرفاق في "تحالف أوقفوا الحرب" الذين تأثروا بدعاية النظام السوري.

لهذا السبب أكتب هذه الرسالة! فأنا أتوافق معهم في رفضهم التدخل العسكري الأجنبي، لكنني أشعر أن عدم دعمهم للحركة الشعبية السورية ونضالها من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال الحقيقي هو خطأ كبير، حتى لا أقول أكثر.

أنوه بالدور المهم الذي لعبه "تحالف أوقفوا الحرب" في معارضته للحروب الأمبريالية في الشرق الأوسط، أفغانستان 2001، العراق 2003، لبنان 2006، فلسطين 2009 وصولا إلى التهديدات بالحرب ضد إيران وسوريا. وأسجل شجبي لاعتماد عدد من قياديي التحالف نظرية المؤامرة للنظام السوري. إنهم يكررون بروباغندا النظام التي تصف الثورة السورية بمؤامرة تشنها الإمبريالية الغربية والسعودية وقطر، التي تواجه النظام السوري "المعادي للإمبريالية والمؤيد للمقاومة".
وعارض التحالف عدة حروب التي تشكل جزءا من "الحرب على الإرهاب". فنظم مظاهرات ضخمة تدعو القوات الغازية إلى الانسحاب من العراق، وفي بريطانيا لوقف المس بالحريات- ومن ضمنها الحق بالتظاهر وبمحاكمات عادلة- ومحاربة العنصرية في بريطانيا. أحيي عمل التحالف وأعترف به.

بما يتعلق بسوريا، أتوافق على ضرورة معارضة التدخل العسكري الأجنبي، ولكن من قبل كل الجهات. هذا لا يعني إدانة فقط التدخل الأجنبي الغربي وحلفائه في المنطقة، لكن يعني أيضا معارضة التدخل الروسي والإيراني المباشر عبر مساعدتهم النظام في القمع.

أتوافق مع معارضة "تحالف أوقفوا الحرب" لإمبريالية الحكومات الغربية، لكن ذلك لا يعني وصف الثورة السورية بمؤامرة إمبريالية غربية. فمن الممكن معارضة التدخل الأجنبي ومنح الدعم للحركة الشعبية.

علاوة على ذلك، أعتقد أن المبدأ الأساسي لهذا التحالف يجب أن يكون "لا للتدخل الأجنبي ومع حق الشعب السوري في تحديد مستقبله". هذا ما يجب أن يكون عليه الأساس المشترك للذين يناهضون الإمبرالية من أن يستطيعوا من العمل معا. يجب على التحالف أن لا يصبح بوقا من أبواق النظام، الذي من شأنه أن يقوض وحدة كل الذين، مهما كان الخلافات الأخرى، يريدون العمل سوية من أجل وقف الحرب والتدخل.

سامي رمضاني، العضو القيادي في "تحالف أوقفوا الحرب"، (http://stopwar.org.uk/index.php/usa-war-on-terror/1402-sami-ramadani-why... و http://stopwar.org.uk/index.php/middle-east-and-north-africa/1376-syria-...) أعلن وكتب مرارا أن الثورة السورية سطت عليها الإمبريالية الغربية وحلفاءها في المنطقة وتستهدف النظام السوري المناهض للإمبريالية. ويضيف "من الواضح أن البديل الحالي للديكتاتورية السورية، في ظل غياب حركة ديمقراطية موحدة، سيكون فتنة طائفية دموية، مدارة من قبل مجموعة غير متجانسة من القوى الطائفية والمرتزقة وشخصيات منشقة عن النظام، مثل الملياردير نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام والملياردير، عم الرئيس الحالي، رفعت الأسد". يتماثل رمضاني مع النظام السوري عندما يقول الأخير: أنا أو الفوضى!

وبحسب رمضاني "يجب أن نعترف أن الإمبريالية المدعومة من قبل الثورة المضادة، استعادت في المدى القصير زمام المبادرة وهي في موقع الهجوم" في الثورة السورية. برأيه "إن القناة الطائفية القطرية الجزيرة ووسائل الإعلام الغربية تشوه الأحداث في سوريا. وبتفحص دقيق يظهر أن، كما حصل في ليبيا، القوى القريبة من الناتو أخذت زمام المبادرة. هذه القوى هي المسيطرة في المجلس الوطني السوري وفي الجيش السوري الحر".

ويصف مسار الثورة السورية كالتالي: "تأسس الجيش السوري الحر وتمركز في تركيا، العضوة في الناتو، ويتلقى الدعم من قوى لبنانية حليفة لفرنسا وأميركا وإسرائيل، قوى عراقية مؤيدة لأميركا، الأردن وإرهابيين ليبيين وقوات خاصة من الناتو كل هذه القوى تقود الثورة المضادة في سوريا. كما أن قطر والسعودية بعد أن هزتها الثورات العربية فوفرت أموالا لقوى طائفية كالإخوان المسلمين ورجال الدين السلفيين. إنها تستهدف الأقليات في محاولة منها لتفكيك سوريا وإغراق البلاد في حرب أهلية طائفية". لذلك يستهدف النظام السوري الأقليات وأيّ سوري يعارض النظام.

وينهي مع هذه الجملة: "أغلب اليساريين والديمقراطيين المناهضين للإمبريالية يدركون ذلك تماما". الجملة الأخيرة، وكل تحليله، في الواقع غير صحيح، فأغلب اليساريين والديمقراطيين المناهضين للإمبريالية يتظاهرون حاليا في شوارع سوريا أو في المنفى يناضلون ضد النظام الاستبدادي.

كرر كل ذلك في مؤتمر عقد في 4 نيسان في لندن.

عراقيون ديمقراطيون ضد الاحتلال (عراقيون ديمقراطيون ضد الاحتلال والعقوبات سابقا) هي منظمة سياسية عراقية تأسست في الأساس لمعارضة الولايات المتحدة والعقوبات الاقتصادية، وتركز حاليا على الاحتلال الحالي للعراق وتدعو لانسحاب فوري للقوات الأجنبية وقيام حكومة ديمقراطية في العراق.

في "تحالف أوقفوا الحرب"، يريدون إدانة الثورة السورية. فألقى صباح جواد كلمة خلال مظاهرة للتحالف في 29 كانون الثاني أمام السفارة الأميركية عارض فيها التدخل الأجنبي لكنه لم يقل كلمة واحدة داعمة للحركة الشعبية السورية في صراعها مع نظام الأسد الديكتاتوري. والأسوأ من ذلك، أن صباح جواد بدأ بالادعاء أن السعودية وقطر تديران الحركة ولهما مصالح طائفية بالإضافة إلى رغبتهما لوضع حد للنظام السوري "المقاوم".

والمثير للجدل جورج غالاوي كان مصدرا لنقاشات. فقد أعلن عام 2005 ان الأسد هو "الحاكم العربي الأخير" وفي تموز 2011، أعلن غالاوي لسانا "أن بشار الأسد يريد الإصلاح والتغيير، بهدف تحقيق تطلعات شعبه". "إنهم يحاولون ممارسة الضغوط على سوريا وعلى الرئيس بشار الأسد بسبب الأعمال الجيدة التي قام بها، كدعمه للمقاومة اللبنانية والفلسطينية ورفضه الاستسلام لإسرائيل".

في بداية عام 2012، بدأ يغير قليلا خطبه التي أصبحت تنتقد قمع النظام السوري، مطالبا بشار الأسد بالرحيل، وقال أن قطاعات واسعة من الشعب السوري لها مطالب مشروعة. لكنه أمضى وقتا أطول في الحديث عن المؤامرة ضد النظام السوري "المناهض للإمبريالية" من قبل الحكومات الغربية وحلفائه في المنطقة الذين يسيطرون حاليا، على حد زعمه، على الحركة الشعبية.

جورج غالاوي يتهم المعارضة السورية بأنها طائفية وتخوف الأقليات في سوريا. ولفت انتباهه أن المعارضين السوريين غالبا ما يهتفون "الله وأكبر!". لذلك يجب الحذر، على حد قوله، من هذه الثورة.

الحركة الشعبية السورية
الثورة السورية هي انتفاضة شعبية ووطنية، تجمع كل مكونات المجتمع في كل أنحاء سوريا. فغالبا ما يردد المتظاهرون شعارات مثل: "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد". ونرى غالبا لافتات في المظاهرات كتب عليها "لا للطائفية". الحركة جمعت الناس تماما كما توحد الثوار في تونس وفي مصر. الوحدة في ظل الديكتاتورية غير ممكنة، التي وضعت استراتيجية لتخويف الأقليات. الحركة الشعبية في سوريا تناضل من أجل تحقيق التضامن الاجتماعي الذي يتجاوز الانقسامات الطائفية والعرقية.

بالإضافة إلى كونها دولة غير ديمقراطية، فإنها دولة بعيدة كل البعد عن معاداة الإمبريالية تواجه الولايات المتحدة وإسرائيل، كما يدعي حكامها. القوى الإمبريالية غير مهتمة بسقوط نظام الأسد، الذي تجنب مواجهة إسرئيل طيلة أربعة عقود، في وقت قمع الأحزاب الراديكالية والتقدمية والحركات الشعبية. مسؤولون رسميون أميركيون ومن الناتو أعلنوا في 21 أيار عام 2012 عدم نية حلف شمال الأطلسي للتدخل عسكريا لوقف العنف في سوريا.

وتتزايد مشاركة اللاجئين الفلسطينيين في الثورة السورية. فلقد عانوا من قمع النظام، حيث سقط منهم أكثر من 40 شهيد ومئات المعتقلين على يد قوى الأمن. وقد نظم الفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة وفي أراضي 48 مظاهرات داعمة للثورة السورية.

هذا هو الشعب السوري الذي مارس الضغوط على النظام لدعم المقاومة في الماضي. هذا هو الشعب السوري باللاجئين الفلسطينيين، اللبنانيين والعراقيين عندما احتلت بلادهم أو تعرضت لضربات عسكرية إمبريالية. انتصار الثورة السورية سيساهم في فتح جبهة مناهضة للإمبريالية، في حين أن هزيمتها سيعني تعزيز الأخيرة.

المعارضة
المجلس الوطني السوري لا يمثل الشعب السوري وشعبيته تتناقص داخل سوريا كل يوم. الانشقاقات تتم ببطء داخله كما يدين أعضاء سابقون علاقاته مع القوى الأجنبية. وتعرض المجلس الوطني السوري لسيل من الانتقادات التي وجهها له المتظاهرون في سوريا.

مجموعات أخرى وكثيرة موجودة في سوريا ويناضلون ضد النظام، من بينها هيئة التنسيق الوطني من أجل التغيير الديمقراطي (التي تضم مجموعة من القوميين واليساريين والأكراد)، وائتلاف وطن الذي يتألف من 17 جماعة سياسية وتنسيقية يسارية، من ضمنهم تيار اليسار الثوري في سوريا. ويبرز نشاط الأكراد في مسار الثورة.

المنظمون الرئيسيون للعصيان والمظاهرات المدنية هم لجان التنسيق داخل البلاد مثل لجان التنسيق المحلية الناشطة على مستوى القاعدة والشبكات وتساعد على تنظيم وتوثيق المظاهرات (من ضمنها نشرة يومية لوسائل الإعلام العربية والأجنبية)، الهيئة العامة للثورة السورية، لجان التنسيق الشيوعية وغيرها من لجان التنسيق المحلية مثل تجمع "حشد" و"نبض" و"حلم". هم القوة الحقيقية ونجد فيها ناشطين من مختلف الطوائف. لهذا السبب استهدفها النظام منذ بداية الثورة.

وهذا ما يؤكد من جديد أهمية حقيقية للنضال ضد الإمبريالية ومن أجل القضية الفلسطينية، على عكس الادعاءات الكاذبة للنظام.

موقف اليسار الثوري في سوريا ولبنان
موقف اليسار الثوري في سوريا ولبنان هو التالي: نعم لانتصار الثورة! لا للتدخل الأجنبي! وهذا يشمل الحكومات الغربية، من جهة، وإيران وروسيا من جهة أخرى.

خاتمة
كمؤيد لعمل ونشاط "تحالف أوقفوا الحرب" أطالب وأقترح على التحالف بأن يتناغموا مع مبادئهم: لا للتدخل العسكري الأجنبي ونعم لحق الشعب السوري في تقرير مستقبله بنفسه. وهذا يعني بعبارة أخرى دعم نضال الشعب السوري ضد ديكتاتورية مجرمة، التي شنت حربا على شعبها بغض النظر عن طوائفهم، وإدانة التدخلات الخارجية من كل الجهات في سوريا. مطالبة الناس تبني رواية النظام للأحداث تخالف مبادئ "تحالف أوقفوا الحرب" وتضعفه. كما إنني أعتبر ذلك إهانة للشعب السوري في نضاله من أجل بناء سوريا جديدة.

النصر للثورة السورية والمجد لشهدائنا!

Partager cet article
Repost0
25 mai 2012 5 25 /05 /mai /2012 22:06

 

 

عودة على "الربيع العربي"


الخميس 24 أيار (مايو) 2012

بقلم: جلبير الأشقر

ما هي محرّكات الثورات العربية؟ من العمّال إلى المهن الحرّة، كان لكلّ دوره مع اختلافات واضحة بين بلدٍ وآخر.

تؤكّد الانتفاضات العربية التي انطلقت من التمرّد الذي شهدته مدينة سيدي بو زيد التونسيّة إثر انتحار الشاب محمد بوعزيزي في 17 كانون الأول/ديسمير 2010، إلى حدّ بعيد الفكرة التالية: من الشائع أن نشهد خلال حركة شعبية واسعة موحّدة لمعارضة نظامٍ استبداديّ وللمطالبة بتغيير ديموقراطي، أن نشهد تحالفاً بين غالبيّة الطبقات الوسطى والفئات الأكثر حرماناً في المجتمع.

يمثّل البائع المتجوّل البائس والغير مستقرّ الحال، محمد بوعزيزي، نموذجاً للمعارضين في سياق "الربيع العربي": جماهيرٌ مكوّنة من ملايين الشباب والصغار المنتمين إمّا إلى القطاع غير النظامي - "العاطلين المموّهين" الذين يعتاشون بوسائل مؤقّتة بانتظار العثور على عمل - أو إلى مجموعة العاطلين رسمياً عن العمل. وقد انضمّ إلى هذه الجماهير في كلّ من تونس ومصر، قوى منظّمة وغير منظّمة من العاملين بأجر، بفعل وجود حركة عمّالية في هذين البلدَين شكّلت نضالاتها توطئة مباشرة للربيع العربي.

وفي البلدان التي شهدت انتفاضات واسعة (البحرين، مصر، ليبيا، سوريا، تونس واليمن) انضمّ إلى جبهة الأثر حرماناً هذه الجزء الأساسي من الطبقات الوسطى: العمّال الفرديين، التقليديين(حرفيين وتجّار صغار) كما الحديثين (مهن حرّة، خصوصاً المحامين والمهندسين والأطبّاء)، إضافةّ إلى الفئات العاملة بأجر الملحوقة بها - أساتذة التعليم العالي، الصحافيين، وكبار الموظّفين في الخدمات التجارية والمالية وصغار روّاد الأعمال.

وحيث لم يفرض النظام مناخاً من الإرهاب يحول دون بروز أيّ اعتراض - أي بشل رئيسي في تونس ومصر - سبق حركات التمرّد تصاعدٌ في النضالات السياسية والاجتماعية في العقد الأوّل من القرن الواحد والعشرين. ففي مصر، قامت هذه النضالات على أكتاف الطبقة العاملة بعد أن شهدت البلاد بين 2006 و2009، أكبر موجة إضرابات عماليّة في تاريخها، وصولاً إلى ثورة 25 كانون الثاني/يناير

2011 [1]. أمّا في تونس، فقد ارتبطت هذه النضالات السياسيّة والاجتماعيّة بمسألتي البطالة والفساد، مع أعمال تمرّد العام 2008 التي انطلقت في مناجم قفصه [2].

 

ليس للطبقات الوسطى، بطبيعة تكوينها، موقف سياسيّ متناسق

 

في هذين البلدَين، قام المحامون والصحافيون خلال العقد نفسه بتحرّكات من أجل الديموقراطية. فكانت هذه المهن بمثابة محاور بارزة للاعتراض، فيما خاض أعضاؤها معارك سياسيّة مباشرة، من خلال حرة "كفاية" المصرية مثلاً، التي شكّلت لوقتٍ طويل رأس حربة للاعتراض على عمليّات التزوير الانتخابي التي كان يقودها حسني مبارك من أجل تحضير نجله لوراثته في رئاسة البلاد.

كذلك برز شبّان من الطبقات الوسطى من هواة شبكة الانترنيت في مقدّمة الاعتراضات خلال السنوات الأخيرة، سواء كانوا من المدوّنين [3] - الذين عانوا القمع في العديد من البلدان العربية - أو، بصورة أكثر تنظيماً، حركة 6 نيسان/إبريل المصرية الشبابية، التي نشأت في الأصل تضامناً مع إضرابات العمّال - في قطاع النسيج خصوصاً - في مدينة المحلّة الكبرى الصناعية عام 2008.

من جهة أخرى، ومن المغرب إلى البحرين مروراً بمصر وسوريا، تمثّلت الطبقات الوسطى بقوّة داخل الهيئتَين القياديّتَين للانتفاضات: الشبكات الاجتماعية والحركات السياسية. لا شكّ أنّه جرى تضخيم لدور الشبكات الاجتماعية خلال الأشهر الأولى، في سبيل إظهار ثورة محابية للغرب؛ إلاّ أنّ فعلها في الواقع كان حاسماً. وخلافاً للأفكار الشائعة، يأتي مستخدمو شبكة الانترنيت من أوساطٍ محرومة أيضاً، لسهولة اتصالهم بالشبكة من منازلهم أو من مقاهي الانترنيت، دون الحديث عن الهواتف المحمولة التي سمحت أيضاً للمعارضين بالتواصل فيما بينهم.

أمّا القوى السياسية التي خاضت الانتفاضات، فهي مكوّنة أساساً من أعضاءٍ من الطبقات الوسطى. ينطبق ذلك على الكبيرة منها، كحركة النهضة التونسية، المنتمية إلى توجّهات الإخوان المسلمين. لكنّ قياداتها تتميّز من ناحيتها بميولٍ رأسمالية واضحة، على غرار خيرت الشاطر، رجل الأعمال البالغ الثراء، الذي كان لوهلة مرشّح الإخوان المسلمون لانتخابات الرئاسة المصرية.

نجد هنا ثابتة من ثوابت الدور السياسي للطبقات الوسطى: فمن خلال تركيبتها، لا يمكنها اعتماد موقفٍ متجانس في المدى الطويل؛ حيث تنزع إلى الانقسام وفق قطبَي المجتمع المتجاذبَين. فمن المغرب إلى سوريا، تشكّل حركة الاخوان المسلمين كتلة متنافرة من الطبقات الوسطى وبورجوازية الأعمال. ومع تجاوز الحقبة الديموقراطية الأولى، سنشهد انشقاقاً في الحركة الشعبية، كما في تونس ومصر. فالأحزاب السياسية تعارض المضيّ في نضالات الأجراء الاجتماعية باعتبارها "فئويّة" مستنكرة، بينما يصرّ قسم كبير من الشبّان الطالعين من الطبقات الوسطى نفسها، بمن فيهم المنتمين إلى هذه الأحزاب، على متابعة الثورة.

لوموند ديبلوماتيك - النشرة العربية . أيار /مايو 2012

* أستاذ في معهد الدراسات الشرقية والإفريقية SOAS وجامعة لندن. صدر له مؤخّراً كتاب حول العرب والمحرقة: Les Arabes et la Shoah. La guerre israélo-arabe des récits, Sindbad/Actes Sud, Paris, 2009 المؤلفات السابقةالصادرة: "الشرق المتأجّج"، طبعة جديدة 2004. الصادر عن مؤلفات Page deux، لوزان، 2003، و"صدمة الهمجيات"، 18/10 باريس، آخر مؤلفاته: العرب والمحرقة النازية: حرب المرويات العربية-الإسرائيلية، المركز القومي للترجمة، القاهرة، ودار الساقي، بيروت، 2010.



[1] رافائيل كمبف: "الجذور العمّاليّة للانتفاضة المصريّة"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، آذار/مارس 2011، http://www.mondiploar.com/article33...

[2] كارين غانتان وأميّة الصديق: "انتفاضة أبناء المناجم في تونس"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، تموز/يوليو 2008، http://www.mondiploar.com/article20...

[3] سماعين لأعشر وسيدريك ترزي: "في المغرب: ناشطو الانترنيت مرهقون"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، شباط/فبراير 2012، http://www.mondiploar.com/article37...

Partager cet article
Repost0
25 mai 2012 5 25 /05 /mai /2012 18:43

sans-titre.png

Partager cet article
Repost0
23 mai 2012 3 23 /05 /mai /2012 18:29

ناشطون يتحدثون عن دهس المزروعات بالدبابات والآليات العسكرية

 

 

«سياسة الأرض المحروقة»؛ هكذا يصف الناشطون السوريون السياسة التي ينتهجها النظام السوري ضد المناطق الريفية الثائرة ضده؛ إذ لا تكتفي قوات الأمن أثناء اقتحامها منطقة أو قرية قرر سكانها الانضمام إلى الانتفاضة السورية - باعتقال الشباب والتنكيل بالأهالي وأهانتهم، بل تعمد هذه العناصر، وفقا للناشطين، إلى إحراق البيوت والمزارع العائدة للمواطنين.
غير أن الضرر الأكبر الذي يلحقه النظام بهم، كما يؤكد أحد الناشطين في مدينة سلقين شمال غربي سوريا، «هو إحراق المحاصيل الزراعية التي تشكل مصدر العيش الرئيسي لأهالي هذه المناطق». ويضيف الناشط: «الأمن السوري قام باقتحام الكثير من القرى والمناطق الريفية في مدينة إدلب مخلفا أضرارا كبيرة في المحاصيل الزراعية، فقد تم اقتحام المخازن التي تخزن فيها عادة مواسم الزرع، وأضرمت النيران بها، كما قاموا بدهس المزروعات وإتلافها عبر تمرير آلياتهم العسكرية كالدبابات والمجنزرات فوقها».
وقد قامت المعارضة السورية ببث الكثير من أشرطة الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تَظهر أراضٍ بأكملها تم حرقها، لا سيما في ريف حمص وإدلب وحماه، المناطق الأكثر احتجاجا ضد نظام الرئيس بشار الأسد.
ويؤكد أبو منجد، وهو أحد المزارعين الذين كانوا يقيمون في منطقة القطيفة الواقعة بين دمشق وحمص، أن «معظم أراضيه المزروعة بأشجار الزيتون تم حرقها بالكامل». ويتهم الرجل الستيني «مجموعات من الشبيحة المؤيدة للنظام بارتكاب هذه الممارسات»، ويقول: «هناك أحداث طائفية وقعت في المدينة دفعت مجموعات من الشبيحة لارتكاب أعمال تخريب ونهب وحرق لممتلكات تعود لمعارضين.. ولأنني دعمت الثورة منذ البداية، وبشكل علني، فقد استهدف الشبيحة معظم الأراضي التي أملكها، لكن مع ذلك أنا لست حزينا، المهم أن تنجح الثورة ويمكننا لاحقا تعويض ما خسرناه». وفي مدينة خان شيخون التي تبعد نحو 35 كلم عن مدينة حماه، ويبلغ عدد سكانها 50 ألف نسمة، أقدمت قوات الأمن السورية، وفقا لناشطين، على حرق أكثر من 250 دونمًا من القمح لمواطنين معارضين للنظام، انتقاما منهم على مواقفهم المؤيدة للثورة. ويروي غسان، أحد أصحاب الأراضي في المدينة، أن «مجموعات من الأمن كانت تستقل دراجات نارية أقدمت على حرق محاصيلنا من القمح في مدينة شيخون، واستمرت عمليات حرق المحاصيل ليلة كاملة». ويضيف: «قام الأمن بإطلاق النار على سيارات الإطفاء التابعة لمجلس مدينة إدلب لمنعها من إخماد الحريق، بعدما كان قد سارع أهالي المنطقة إلى إطفاء الحرائق قبل أن تمتد إلى بقية الأراضي».
ويشير أحد أعضاء تنسيقيات ريف حماه إلى أن سياسة «الأرض المحروقة» التي يتبعها نظام بشار الأسد «تدل على أن هذا النظام يتصرف كمحتل ويتعامل مع شعبه كعدو»، ويضيف الناشط المعارض: «الأمن السوري يرتكب هذه الممارسات بغرض الانتقام من أهالي القرى البسطاء الذين دفعهم الإهمال والحرمان والظلم إلى الانضمام إلى الثورة.. هو يعجز عن إسكاتهم لذلك يعمد إلى حرق أراضيهم بهدف كسر إرادتهم».
تجدر الإشارة أن نحو 22 في المائة من سكان سوريا يعتمدون على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، ويشكل القطاع الزراعي، الذي تسيطر عليه الدولة منذ وصول حزب البعث إلى السلطة، بنية أساسية من بنى الاقتصاد السوري.





النظام السوري يحرق المحاصيل الزراعية انتقاما من المناطق الريفية الثائرة

 

بيروت: «الشرق الأوسط»
Partager cet article
Repost0
23 mai 2012 3 23 /05 /mai /2012 18:25

 

 

جاك لندن، فنان ثوري [*]


الاربعاء 23 أيار (مايو) 2012

بقلم: ليون تروتسكي

رسالة إلى جوان لندن [**]

الرفيقة العزيزة

يعتريني بعض الارتباك بالاعتراف لك بأنني فقط خلال هذه الأيام الأخيرة، أي بعد تأخر دام ثلاثين عاما، قرأت لأول مرة رواية العقب الحديدية، لجاك لندن [***].

وقد خلف فيَّ هذا الكتاب تأثيرا قويا – أقول ذلك بلا مبالغة-. ليس بسبب ميزاته الفنية وحسب، إذ لا يقوم شكل الرواية هنا سوى بإتاحة إطار للتحليل والتوقع الاجتماعيين. وعن عمد أقتصد الكاتب كثيرا في استعمال الوسائل الفنية. ما يهمه ليس مصير أبطاله الفردي، بل مصير الجنس البشري. وليس قصدي بتاتا بخس القيمة الفنية للرواية لاسيما فصولها الأخيرة، بدءا من كومونة شيكاغو. الجوهر لا يكمن هنا. لقد أدهشني الكتاب بجرأة واستقلال توقعاته في مجال التاريخ.

لقد تطورت الحركة العمالية أواخر القرن الماضي، ومطلع القرن الحالي، تحت لواء الإصلاحية. وبدا وطيدا على نحو نهائي منظور تقدم سلمي ودائم لازدهار الديمقراطية والإصلاحات الاجتماعية. طبعا، حفزت الثورة الروسية الجناح الراديكالي في الاشتراكية الديمقراطية بألمانيا و مدت لبعض الوقت بدينامية قوية النقابة الفوضوية بفرنسا. و تحمل رواية العقب الحديدية بلا جدل وسم العام 1905.

وقد كان انتصار الثورة المضادة بروسيا يتأكد عندما نشر هذا الكتاب الرائع. وعلى الساحة العالمية، لم تمنح هزيمة البروليتاريا الروسية للإصلاحية إمكانية استعادة مواقع فقدتها لبعض الوقت وحسب، بل أتاحت لها أيضا سبل إخضاع تام للحركة العمالية المنظمة. يكفي أن يُعاد إلى الأذهان أنه خلال السنوات السبع التالية بوجه التحديد(من عام 1907 إلى 1914) بلغت الاشتراكية الديمقراطية العالمية في آخر المطاف ما يكفي من النضج للاضطلاع بالدور الدنيء والمخزي الذي كان لها خلال الحرب العالمية.

وقد تمكـَن جاك لندن، تمكـُّن المبدع الحقيقي، من التعبير عن قوة الدفع التي خلقتها الثورة الروسية الأولى، كما استطاع إعادة تأمل مصير المجتمع الرأسمالي برمته في ضوء هذه الثورة. و انكب بوجه أخص على المشاكل التي تعتبرها الاشتراكية الرسمية اليوم متجاوزة بشكل نهائي، أي مشاكل تنامي الثروة والقوة بأحد قطبي المجتمع، وتفاقم البؤس والمعاناة بالقطب الآخر. تراكم الحقد الاجتماعي، وصعود بلا رجعة للكوارث الدامية، كلها مسائل استشعرها جاك لندن ببسالة ترغمنا باستمرار أن نتساءل باندهاش: متى إذن كُتبت هذه السطور؟ هل كان ذلك بالفعل قبل الحرب؟

تلزم الإشارة بوجه أخص إلى الدور الذي عزاه جاك لندن إلى البيروقراطية والارستقراطية العماليتين خلال تطور البشرية المقبل. فبفضل دعمهما ستفلح البلوتوقراطية (حكومة الأغنياء) في سحق انتفاضة العمال و مواصلة ديكتاتوريتها الحديدية على امتداد القرون الثلاث القادمة. لن نناقش مع الشاعر مدة زمنية لا يمكن إلا أن تبدو لنا طويلة للغاية. ليس المهم هنا تشاؤم جاك لندن، بل ميله الشغوف إلى زعزعة الذين يستسلمون لسكون الروتين، وإجبارهم على فتح أعينهم، وفهم الواقع وتحولاته. يستعمل الفنان بمهارة أسلوب المبالغة، دافعا حتى حدودها القصوى الميول الداخلية للرأسمالية إلى الاستعباد و القسوة والشراسة و الغدر. و يتناول مئات السنين لقياس إرادة الاستبداد لدى المستغلين والدور الخائن للبيروقراطية العمالية. إن أساليب المبالغة الأكثر رومانسية التي استعملها هي، في آخر المطاف، أكثر دقة إلى أبعد حد من العمليات الحسابية للسياسات "الواقعية" المزعومة.

لا يتعذر تصور الريبة المتعالية والمستخفة التي استقبل بها الفكر الاشتراكي الرسمي آنذاك توقعات جاك لندن الرهيبة. فإن كلف أحد نفسه عناء فحص ما نشر من انتقادات لرواية العقب الحديدية في الصحيفتين الألمانيتين " Neue Zeit " - و" Vorwaerts – وفي الصحيفتين النمساويتين " Kampf " و" Arbeiter Zeitung "، لن يكون صعبا الاقتناع بأن "الرومانسي" قبل ثلاثين عاما كان يرى أبعد بما لا يقاس من كل قادة الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية معا في تلك الفترة. في هذا المجال ، لا يُقارن جاك لندن بالإصلاحيين والوسطيين وحسب، بل يمكن بكل يقين القول إنه لم يكن ثمة في العام 1907 ماركسي ثوري، دون استثناء حتى لينين وروزا لوكسمبورغ، َتمثـَّل بذلك القدر من الكمال الاحتمال المشؤوم للاتحاد بين الرأسمال المالي و الارستقراطية العمالية. وهذا وحده كاف لتقدير القيمة الخاصة للرواية.

و بلا جدال، يمثل فصل "زئير وحش الهاوية" مركز العمل الروائي. و لا شك أن هذا الفصل الرؤيوي بدا، لحظة نشر الرواية، حدا أقصى لأسلوب المبالغة. ومع ذلك تجاوزه عمليا كل ما حدث لاحقا. لكن صراع الطبقات لم يقل بعدُ كلمته الأخيرة.

"وحش الهاوية" هو الشعب وقد أُخضع لأقصى درجة العبودية، والإذلال والانحطاط. لا ينبغي مع ذلك المجازفة بالحديث عن تشاؤم الفنان! لا، جاك لندن متفائل، لكنه متفائل بنظرة حادة وثاقبة. "هاذي هي الهاوية التي ستلقينا فيها البرجوازية إذا لم ُنعدها إلى جادة الصواب" –تلك كانت فكرته، ولها يومنا هذا صدى أكثر راهنية وحدة بما لا يقاس مما كان قبل ثلاثين عاما. و أخيرا، ما من شيء أكثر إثارة في عمل جاك لندن الروائي من توقعه التنبئي حقا بصدد أساليب العقب الحديدية للحفاظ على هيمنتها على البشر المسحوقين. و قد أثبت لندن بروعة تحرره من الأوهام الإصلاحية و السلمية. ففي لوحته عن المستقبل، لم ُيبق على أي شيء من الديمقراطية والتقدم السلمي. ففوق جماهير المحرومين تعلو الفئات المغلقة من ارستقراطية عمالية وجيش إمبراطوري، وجهاز بوليس كلي الحضور، و تتويجا لهذا البناء تسمو الاليغارشية المالية. لا يصدق القارئ عينيه: إنها لوحة عن الفاشية واقتصادها وتقنيتها الحكومية و سيكولوجيتها السياسية [صفحات 299، و300 وملاحظة صفحة 301 لافتة للنظر بوجه خاص]. و ثمة أمر لا يقبل نقاشا: منذ العام 1907 توقع جاك لندن النظام الفاشي، و وصفه بما هو نتيجة حتمية لهزيمة الثورة البروليتارية. و مهما كانت "أخطاء" تفاصيل الرواية – وهناك فعلا أخطاء- لا يسعنا إلا أن ننحني أمام الحدس القوي للفنان الثوري.

أخط هذه السطور على عجل. وأخشى كثيرا أن لا تسمح لي الظروف باستكمال تقييمي لجاك لندن. سأحاول فيما بعد قراءة الكتب الأخرى التي أرسلتي إلي، و إطلاعك على رأيي فيها. و يمكنك استعمال رسائلي على النحو الذي ترينه ضروريا. أتمنى لك النجاح فيما اضطلعت به لكتابة سيرة الرجل العظيم الذي كانه والدك.

مع تحياتي الودية

ليون تروتسكي

كويواكان بالمكسيك، 16 تشرين الأول/أكتوبر 1937

تعريب : جريدة المناضل-ة

رواية العقب الحديدية مرفقة بهذا النص



إحالات :

[*] جاك لندن، فنان ثوري هو العنوان الذي وضعه معهد ليون تروتسكي لهذا النص الرسالة .

نشرت الرسالة بالجزء 15 من أعمال ليون تروتسكي التي نشرها المعهد المنوه به.

[**]: جوان لندن –Joan London – ابنة جاك لندن، كانت زوجة مناضل تروتسكوي في سان فرانسيسكو.

[***] : جون غريفيث – John Griffith – المسمى جاك لندن (1876-1916) ، نشر رواية العقب الحديدية في العام 1908 متنبئا بنظام توتاليتاري من النوع الفاشي .

Partager cet article
Repost0
18 mai 2012 5 18 /05 /mai /2012 18:18

الحرية لليساريين و الشيوعيين
تقوم قوات الامن بحملة اعتقالات لليساريين بشكل متواصل و بوحشية مبيتة، حيث قامت اليوم بحملة اعتقالات في مدينة زاكية شملت 12 مناضلا شيوعيا
الحرية لهم و لكافة المعتقلين

 

 ==

تنسيقيات الشيوعيين السوريين



عاجل :::::: تنسيقية احرار مدينة زاكية المكتب الاعلامي لمدينة زاكية :: دخول قوات الامن صباح اليوم الى مدينة زاكية وقامو بمداهمة المنازل و قامو ...باعتقال 12 شخص من عائله واحدة ال طعمة
1- قاسم خالد طعمة
2- محمد برجس طعمة
3- نادر قاسم طعمة
4- اياد قاسم طعمة
4- عرب قاسم طعمة
5- سامي يوسف طعمة
6- مراد يوسف طعمة
7- يامن يوسف طعمة
8- محمد جمال طعمة
9- محمد محي الدين طعمة
10عماد محي الدين طعمة

Partager cet article
Repost0
17 mai 2012 4 17 /05 /mai /2012 18:52

جامعة دمشق في 17 آيار 2012|| كلية الهندسة الزراعية || خروج أبطال كلية الزراعة في مظاهرة حاشدة للمطالبة بحرية الطلاب المعتقلين وقامت قطعان الأمن والشبيحة بالاعتداء

على الأحرار وقاموا باعتقال عدد من الطلاب وقد تعرض عدد من الطلاب لجروح متفاوتة

كما شهدت حلب اليومعاجل أكثر من 7 آلاف متظاهر ينطلقون في مظاهرة حاشدة جداً في جامعة حلب أمام المراقبين الأممينalep-16mai.jpg

عاش كفاح الحركة الطلابية السورية

عاشت الثورة الشعبية السورية

Partager cet article
Repost0
15 mai 2012 2 15 /05 /mai /2012 14:11

البحرين واليمن:

ثورات لا تلين

• تم نشر المقال باللغة الإنجليزية لأول مرة بمجلة "الاشتراكي" الشهرية البريطانية، عدد مايو 2012، يصدرها حزب العمال الاشتراكي بالمملكة المتحدة

"الربيع العربي لم ينته بعد"، على أثر الجدل القائم بسبب سباق الفورميلا وان للسيارات في البحرين يلقي الكاتب "دومينيك كافاكيب" نظرة على الثوره البحرينية، كما تنقل لنا الكاتبة ميرفت سليمان الأحداث الجارية والمتصاعده في اليمن.

عندما يجهر شعب بغضبه ضد القمع ويعلن تخليه عن صمته ومثابرته وتعايشه مع القهر، فإنه بذلك يمارس فعل الثورة، وعندما يصر على استكمال ثورته وتأكيد مطالبه فهو بذلك يمارس فعل الصمود، الصمود هو الفعل الاكثر شيوعاً في شوارع البحرين، والذي اتخذه الشعب البحريني مبدأ يؤمنون به وليس فقط مجرد فعل يتلخص في مظاهرة أو اعتصام، مبدأ دفع شعب بأكمله أن يلجأ للشوارع ويقيم بها أياما وليالي سخطا على القمع ونداءا للحرية.

وكان رد فعل النظام البحريني مشابهاً لردود أفعال كل الأنظمة المستبدة على مر التاريخ، حيث قام بحشد كل قوته القمعية. وتجنيد عدد لا نهائي من الحكومات لمؤازرته ومساندته لخوض مسيرته القمعية. ولكن تأتي الأسئلة التي طالما أرهقت أذهاننا مع جميع الشعوب العربية الثائرة، لماذا لم يهربوا خوفا من الموت، لماذا لم يسأموا، لماذا آثروا الصمود؟! إلا أننا لن نجد إجابة لتلك الأسئلة إلا في ميدان اللؤلؤة في المنامة، كما وجدناها من قبل في ميدان التحرير في القاهرة.

عاش الشيعة في حالة من التهميش والتمييز الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، إلا أنهم اعتمدوا "التغيير الديمقراطي" مطلبا للثورة البحرينية وقاموا بحشد الآلاف ليوم 14 فبراير 2011 ليعلن الشيعة مطلبهم إسدال الستار على الديكتاتورية السنية بقيادة اّل خليفة، ولكن الثورة احتضنت مختلف الأطياف والمذاهب من سنة وشيعة، إسلاميين ويساريين، ليبراليين ومحافظين، وغيرهم ممن لا ينتمون لأي فكر أو مذهب سياسي، خرجوا جميعا لإعلان مطلبهم بإنهاء حكم الديكتاتورية.

تعد البحرين أكثر دول الخليج تحررا، إلا أنها لا تزال تحت سيطرة حكومة غير منتخبة ممثلة في العائلة الملكية التي تهيمن على النصيب الأكبر من السلطة والثروة، وخير مثال على ذلك أن الأمير خليفة بن سليمان وهو عم الملك حمد بن عيسي اّل خليفة، تولى منصب رئاسة الوزراء لمدة تزيد عن 40 عاما، لذلك فالديمقراطية المزعومة لا تزيد عن كونها قناع لجذب الاستثمارات الأجنبية والتعتيم على النظام السلطوي الراسخ الجاحد لأحقية شعبه في اكتساب مقومات الحياة الاّدمية، أو لتحقيق الحد الأدني من متطلبات الحياة الكريمة.

في الأيام الأولى للثورة، استشهد اثنان من النشطاء، إلا أن ازدياد عدد الشهداء كان يزيد من توهج وتكدس ميدان اللؤلؤة، وهذا ما استفز النظام البحريني ودفعه للاستمرار في القيام بأعماله الدموية دون أي رادع، وما زال الصمود هو شعار الشعب البحريني.

الإحساس بالحرية

"تذوقت طعم الحرية لأول مرة في حياتي وتمكنت من التعبير عن رأيي بهتافي ورفع لافتتي. دون الخوف من الاعتقال" هذا ما قاله أحد النشطاء واصفا تأثره بما يسمى "أيام اللؤلؤة"؛
فلقد لعب ميدان اللؤلؤة في المنامة نفس الدور الذي لعبه ميدان التحرير في القاهرة، حيث أصبح الكل واحد، ذابت كل الخلافات والاختلافات، وامتص الميدان كل الفروق، ودمج المتظاهرون جميعاً تحت راية واحدة من أجل هدف واحد وهو رسم مستقبل المجتمع الذي طالما حلموا به. فأجمعت كل الآراء أن ثمة شيء قد أظهر روح الوطنية والتعاون والحب، تلك الروح التي طالما حاولت الانظمة القمعية المختلفة إزهاقها.

في الثالث عشر من مارس سنة 2011 عبرت دبابات الجيش السعودي فوق الجسر الذي يربط السعودية بالبحرين، وشنت حملة وحشية على المعتصمين بالطريق الدائري، أسفرت عن استشهاد ستة أفراد من المعتصمين. وبعد يومين من تلك الليلة الدموية، قامت الحكومة البحرينية بهدم النصب التذكاري المقام في منتصف الطريق الدائري، واهمين بذلك أنهم أزهقوا آخر أنفاس تلك الحركة المنغصة لدكتاتوريتهم التي أفنوا عمرهم في بنائها. إلا أن ميدان اللؤلؤة له أنفاس لن تزهق وأحلام تأبي أن تؤد، وشهداء مازالت دماؤهم تروي أرض البحرين، وشعب آثر الصمود .

رد دموي

كانت الغازات السامة والمسيلة للدموع هي الأداة القمعية لدي النظام البحريني، التي استخدمها لقتل عشرات البحرينيين، حيث وصل عدد الشهداء حتي هذه اللحظة إلى 85 شهيد على أقل تقدير، من بينهم شيخ بلغ من العمر 85 عام وطفل لم يبلغ سوي خمسة أيام، فاستخدم النشطاء موقع اليوتيوب لفضح تلك الانتهاكات التي قام بها النظام البحريني لترويع الشعب والقضاء على الثوار منهم بغرض السيطرة على الأمن في الشوارع. ولكن يبقي الصمود هو سيد الموقف لمدة 14 شهر. تزداد نسبة المشاركة في المظاهرات، تزداد حدة الشعارات واللافتات، ويعلنها الشعب في شوارع البحرين "لن أعود إلا منتصرا"، فقد حققت الثورة البحرينية نسبة المشاركة الأكبر من بين ثورات الربيع العربي، حيث شارك فيها مائة ألف مواطن, في حين أن التعداد السكاني للبحرين ستمائة ألف مواطن، وهي التظاهرات الأقوي والأضخم على مدار تاريخ البحرين. ولايزال الشارع البحريني في حراك ثوري حيث تحشد الأحزاب المعارضة مظاهرات ومسيرات كانت آخرها في اليوم الأول لمهرجان جائزة البحرين الكبري حين مكث الشباب البحريني في شوارع البحرين ليلاً ونهاراً، يتصدي لعنف قوات الشرطة البحرينية.

بإفراطه في استخدام العنف ضد شعبه، يزداد الحرج السياسي للنظام البحريني. إلا أنه في مواجهة شعب يأبى أن يهدأ حتي يلحق الضربة القاضية بنظام قمعي يتسم بالغباء السياسي المفرط، حيث آّثر الفوضى والعنف على اتخاذ أي إجراءات إصلاحية لتهدئة لشعبه، مستجيباً بذلك لتشجيع حلفائه من الحكومات الغربية.

بينما أقسم الشعب البحريني الحر على استكمال ثورته وتبني الصمود موقفا لا بديل له , يعيش الناشط السياسي عبدالله الخواجة رافعا شعار "إما الحرية أو الموت" منذ شهرين ونصف في معتقلات النظام البحريني, بين أشكال القهر المختلفة من جوع وتعذيب.

اليمن

كان سقوط نظام بن علي في تونس ونظام مبارك في مصر بمثابة شعلة أججت رغبة الشباب العربي في التغيير. وزادت تعطشه للحرية. وأنتجت ما يسمي بالربيع العربي. الذي ازدهر وتشعب حتي وصل لليمن، بالتزامن مع ليبيا وسوريا.

بدأت الثورة اليمنية منذ أكثر من عام, حيث نظم طلاب جامعة صنعاء مظاهرات وقرروا الاعتصام تلبية لنداء الحرية والتغيير. وكان رد النظام اليمني مطابقا لردود الأنظمة القمعية التي لا تملك الا العنف والدموية، فعلى الرغم من غناها بالموارد الطبيعية إلا أن اليمن تعد أكثر الدول العربية فقرا. فهي غارقة في بحور من الديون والبطالة والفساد المزمن، بفعل سيطرة فئة قليلة من رجال الأعمال على السلطة والمال.

منذ عام 1970 حتي عام 1980، كان شمال اليمن متحالفاً مع أمريكا، بينما كان الجنوب متحالفاً مع روسيا، وخاض البلدان "الشمال والجنوب" العديد من الحروب والمعارك، أسفرت عن عقد اتفاقية وحدة في 1990، وبعد 4 سنوات قام جنوب اليمن بخرق الاتفاقية وإعلان استقلاله، مما أدى إلى اندلاع معارك وحروب أخرى مع الشمال. انتهت بهزيمة الجنوب واندماجه مرة أخرى مع الشمال في دولة واحدة. ومنذ ذلك التاريخ استولى علي عبد الله صالح على ثروات الجنوب الطبيعية والبشرية. وكانت الحركة السلمية التي نظمها ضباط جيش الجنوب في عام 2007 بمثابة البذرة التي أنتجت ثمرة الثورة اليمنية عام 2011.

الإلهام العربي

ظهرت الحركات الاحتجاجية في صنعاء وتعز وغيرها من مدن الشمال بقياده حزب "الإصلاح" الإسلامي مطالبة بالتغيير والإصلاح مع الإبقاء على وحدة الشمال والجنوب، على عكس ما طالب به الجنوب، الذي نادي بالاستقلال عن الشمال.

تأسس حزب الاصلاح 13 سبتمبر 1990، بعد الوحدة بين شطري اليمن، على يد الراحل "عبد الله بن حسين الأحمر"، وهو الذراع السياسي لقبيلة "حاشد" اليمنية، ويعتبر المنافس الأقوى لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يترأسه "علي عبد الله صالح"، ولكن حزب الاصلاح ليس بالمعارض الحقيقي لحزب المؤتمر الشعبي، وإنما ارتضى في بعض الأوقات أن يقتسم معه السلطة والمال على حساب الشعب اليمني.

وهناك كيانات أخرى يمنية معارضة لنظام على عبد الله صالح. مثل مجموعة الشيعة الحوثية بالشمال، والتي اتهمت بأنها مدعومة من إيران. ومجموعة أخري تدعي أنصار الشيعة، التي استولت مؤخراً على بعض المدن في الجنوب، وأعلنتها منطقة إسلامية، مما أدى إلى هجرة الآلاف من السكان، ليعيشوا لاجئين في مدن مجاورة.

يعتقد أهل الجنوب أن الانفصال عن الشمال هو الحل الاستراتيجي الأمثل لأزمة جزيرة سقطري، مع علمهم بأن هذا الانفصال يزيد من التدخل الأمريكي العسكري والسياسي.

واستجابة للضغط الشعبي، تنحى على عبد الله صالح، مقابل إعفائه من المحاسبة والمحاكمة على جرائمه السياسية والجنائية، وبرعاية دول الخليج والولايات المتحدة تم إجراء انتخابات شكلية، تلك الانتخابات التي لم تضم سوي مرشح واحد، وهو نائب الرئيس السابق، والتي قاطعتها مدن الجنوب وقطاع كبير من مدن الشمال. إلا أن البعض فضل المشاركة تخلصاً من على عبد الله صالح. واعتبار تلك الانتخابات خطوة لا بأس بها نحو تحقيق مطالبهم، وبذلك انتهى حكم على عبد الله صالح بشكل رسمي فقط، لكن نظامه مازال قائما يحكم ويستبد كعادته عن طريق أبنائه وأقرابه. والأنكى من ذلك، أنه مازال يعيش في اليمن ومازال يترأس الحزب الحاكم. ويتدخل في كل القرارات السياسية. وكأن لم يثر عليه شعب بأكمله، أو تهدر الدماء بأيدي عصابته.. وكأن شيئا لم يكن.

هجمات رتيبة

تحت شعار محاربة الإرهاب، دعمت أمريكا نظام صالح بكل السبل الممكنة، دعم سياسي وعسكري ومادي حيث شنت هجمات جويه على اليمن أسفرت عن الكثير من الخسائر، لا لشيء إلا لدعم خطتها في استغلال البترول والطاقة النووية في اليمن. ولكن المؤسف أن نرى دولا عربية تقف حليفة لأمريكا ولنظام على عبد الله صالح، وتدعم قتل وقمع أشقائها في اليمن. ونجد ذلك في البحرين والسعودية. ومن المتوقع أن يتفق أصحاب المصالح المشتركة على القمع والاستبداد، فكل من النظام البحريني والنظام السعودي يضره إقامة دولة ديمقراطية مجاورة في اليمن. حيث أن الديمقراطية عندهم بمثابة رصاصة في قلب أنظمتهم القائمة على الديكتاتورية والاستبداد.

الثورة مستمرة

علي الرغم من كثرة المعوقات، إلا أن الثورة اليمنية لها شعب حر مناضل، آثر الصمود من أجل بناء مجتمع ديموقراطي، طالما حلموا به. وتكمن قوة هذا الشعب في شبابه المناضل، الذي ينظم الاحتجاجات والمظاهرات في الجامعات اليمنية، مطالبا بالقضاء على بقايا نظام على عبد الله صالح في الجامعات. كما تكمن أيضا في مجموعة من ضباط الجيش الذين يخوضون مناوشات ومعارك داخل الجيش آملين في التخلص من سيطرة عائلة على عبد الله صالح. ولم يكن الطلاب وبعض ضباط الجيش هم فقط حماة الثورة اليمنية. بل يشاركهم في النضال رجال الأمن والطيران والعمال وكل فئات الشعب اليمني. فقد ظهرت مؤخراً دعوة من العمال للإضراب عن العمل، حتي تتحقق مطالبهم من تحسين ظروف العمل، رفع الأجور والأهم هو التخلص نهائياً من بقايا نظام على عبد الله صالح.

إن ما نستطيع تأكيده هو أن زهور الربيع العربي لن تذبل؛ فثورة اليمن وغيرها من الثورات العربية مستمرة ولا مفر من انتصارها وتحقيق مطالبها، طالما هناك شعب حر آثر التضحية الصمود.

Partager cet article
Repost0
13 mai 2012 7 13 /05 /mai /2012 09:33

 

 

لماذا نحتاج إلى
الحزب الثوري؟

 

 

      

 

 

مركز الدراسات الاشتراكية

2005


 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

·         اسم الكراس: لماذا نحتاج إلى الحزب الثوري؟

·         الناشر: مركز الدراسات الاشتراكية

·         الطبعة الأولى: أغسطس 2005


فهرس

 


لماذا نحتاج إلى حزب؟

الطبقة العاملة هي طبقة ذات نزوع ثوري وكما يراها ماركس هي الوحيدة التي تمتلك القدرة على القيام بالثورة غير أن العمال لا يؤمنون بهذه القدرة لديهم بل ولا يحسنون الظن بطبقتهم ككل بوصفها طبقة ثورية. 

لو كان العمال مدركين لهذه القوة الكامنة داخلهم لكان الأمر في غاية السهولة فيما يتعلق بدور الاشتراكيين تجاههم، غير أن الحقيقة القائلة بان الأفكار السائدة في أي مجتمع هي الأفكار التي تبثها الطبقة الحاكمة تؤدى بان يسجن العمال كل ما يختلف من أفكار داخل رؤوسهم.

البعض (هم عادة أقلية صغيرة نسبيا) يقدس كل القيم الرأسمالية فتراهم يدافعون بشدة عن تقسيم البشر بين أناس ولدوا ليحكموا بينما آخرون ولدوا ليشغلوا منصب المحكومين، وهكذا فهم مؤمنون بكل أمراض المجتمع الرأسمالي من تصنيف الناس على أساس الجنس أو العرق أو القومية.

والبعض الآخر وهم أقلية لا تزيد كثيرا عن سابقتها يرفضون الرؤية السائدة للعالم تلك التي تكرسها وسائل الإعلام ونظام التعليم وكل المؤسسات الأخرى في المجتمع الرأسمالي، وهم بدلا من ذلك يحاولون تطوير تصور مختلف يقاوم هذه الأفكار ويقدم منظورا بديلا يتبدى من خلال العالم بشكل مغاير.

أما الأغلبية العظمى من العمال فهم معظم الأحيان لا يتبعون أيا من هذه الرؤى فتراهم  في الوقت الذي يرفضون فيه بعضا من أفكار الطبقة الحاكمة فإنهم يسلمون بالبعض الآخر، انهم ينحازون لشكل المجتمع كما هو ولكنهم في الوقت نفسه يرغبون التخفيف من بشاعته.

هذا الخليط من الأفكار يعطى انطباعا بأنه بالرغم من أن الطبقة العاملة هي طبقة ذات توجهات ثورية محتملة فإن هناك فجوة كبيرة بين ما هو محتمل وما هو قائم بالفعل.

موقع العمال في المجتمع الرأسمالي (كطبقة مستغلة لا تملك إلا القليل من أمر معيشتها وتشعر بالاغتراب عن ما تنتجه) يقودهم إلى الإيمان بأنه لا يمكنهم تغيير ظروفهم إلا في أضيق الحدود، وفى الوقت الذي يؤهلهم فيه موقعهم لأن يكونوا منظمين بصورة جماعية من خلال النقابات العمالية والأحزاب السياسية للطبقة العاملة فإن قوة التنظيم الجماعي والعمل الجماعي ليست واضحة بالنسبة لهم.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة الآن هو كيف يمكن للاشتراكيين التغلب على ذلك؟ كيف يمكن للعمال التحول من السلبية والمشاركة بفعالية في تحرير أنفسهم؟ كيف يمكن للعمال أن يدركوا حقيقة انهم قادرين على التغيير كطبقة؟

إن التاريخ قد بين في أكثر من مناسبة أن العمال عند ولادة الثورة يتحركون بشكل عفوي ويتشكل الوعي لديهم كطبقة، وأشارت دروس التاريخ أيضا إلى أن العمال في حاجة دائمة إلى نظرية ثورية وإلى منظمة تتولى مهمة تخطيط الطريق لهم منذ البدايات الأولى للثورة حتى تصبح لديهم القدرة على تأسيس دولتهم العمالية الخالية من الاستغلال والقائمة على الإنتاج من اجل إشباع الحاجات، ومن هنا فمهمة الحزب الثوري تتمثل في إمداد العمال بكل من النظرية والتنظيم.

أنواع الأحزاب المختلفة

الحزب الثوري يختلف تماما عن غيره من الأحزاب العمالية الأخرى في نواحي كثيرة، أهمها بالطبع هو أن الحزب العمالي الثوري يهدف إلى إسقاط الرأسمالية بالإضافة إلى انه مدرك للاختلاف في مستوى الوعي الطبقي لدى العمال هو ما يعتبر جوهر العملية التنظيمية له.

ويعد من الأمور الحاسمة أن حزب العمال الثوري مبنى بالأساس على الأقلية النشطة داخل الطبقة العاملة والتي ترغب في النضال ضد النظام، حتمية هذه الفكرة تكمن في أن أقلية فقط من العمال ينغمسون بشكل مباشر في الصراع، هذه الأقلية يتراوح عددها بين مئات الآلاف أو الملايين في إضراب عام أو أعداد ضئيلة في إضراب بمصنع ولكن بدون مجموعة ثورية تنظم حركة هؤلاء العمال المتعطشون للكفاح كل جهودهم ستضيع هباء بلا طائل.

كثير من الناس "خاصة هؤلاء المنتمين للأحزاب التي تسمى نفسها عمالية مثل حزب العمال البريطاني" يجدون أن الحزب الثوري هو ظاهرة غير مفهومة ومن ثم فانهم يتناقشون حول لماذا لا يكون الحزب الثوري جزءا من الحزب الكبير الذي يضم كل العمال؟!!.

إن نظرة متأنية لحزب العمال البريطاني على سبيل المثال تكشف خطأ مثل هذا الطرح، فهذا الحزب يعد ممثلا لكل العمال على اختلاف أفكارهم ونظرا لوجود التفاوت في الطبقة العاملة في ظل الرأسمالية فان تمثيل الطبقة بشكل عام يعنى تمثيل هؤلاء المقتنعين بأفكار الطبقة الحاكمة تماما كهؤلاء الرافضين لأفكارها.

هذا ما يجعل حزب العمال دائما (كمعبد فسيح) يضم بين أروقته العنصريين، وأيضاً يضم هؤلاء الذين يرفعون شعارات ضد العنصرية. ورغم أن ذلك قد يجعل منه منظمة ضخمة إلا أنها تكون زيادة كمية غير قادرة على النضال من أجل مصالح أعضاء الحزب، نظراً لأنها لا غير موحدة على فكرة واحدة، بل أفكار متناقضة في أحيان كثيرة.

بشكل عملي يعنى ذلك أيضا أن حزب من هذا النوع لا يمثل في الواقع الطبقة العاملة ككل على الإطلاق بل هو يتواطأ لصالح الصفوف الخلفية للعمال ولا يعمل من اجل كل أو حتى معظم صراعات الطبقة العاملة فهذه الصراعات عادة ما تبدأ خارج حزب العمال وهى في أحيان قليلة ما يتم تأييدها بشكل فردى من قبل أعضاء الحزب الذين لا يلقون سوى التأييد السلبي من الحزب نفسه.

على النقيض من ذلك فان الحزب الثوري الحقيقي دائما ما يطالب أعضائه بالعمل على تشجيع وتوسيع مستوى الصراع الطبقي بشكل إيجابي الأمر الذي يتطلب وجود نظرية تستخلص الخبرات النضالية السابقة للطبقة لكي تكون بمثابة المرشد للعمل المستقبلي.

مثل هذا الحزب يجب أن تمتد جذوره داخل الطبقة العاملة بوصفه حزب طليعي بمعنى انه يدفع بأفضل الكوادر وافضل الخبرات معا داخل الطبقة.

على الثوريين أن يناضلوا من اجل أفكارهم من خلال نشاطهم، لذا فعليهم أن يقاوموا النظام القائم عن طريق الإضرابات والاحتجاجات والمساجلات من يوم لآخر، ذلك لأن الحزب الثوري هو منظمة مقاتلين قادرين على العمل معا بهدف الوصول لأقصى تأثير سواء في أماكن عملهم أو في أي مكان آخر. بالإضافة إلى ذلك فالحزب الثوري عليه أن يكون بمثابة "ذاكرة الطبقة العاملة" أي المكان الذي يناقش فيه تاريخ الحركة العمالية وتُعلم فيه الدروس النضالية.


ما هي الخبرة النضالية؟ 

  نهض العمال في كل عقد من عقود هذا القرن لتحدى النظام ككل. في الأعوام ما بين 1917 و1923 حاول ملايين العمال في روسيا والمجر وإيطاليا امتلاك زمام معيشتهم عن طريق التحكم في وسائل الإنتاج في المجتمع، لقد نظموا المجالس العمالية وسيطروا على مصانعهم واسقطوا النظام القديم، وفى أواخر العشرينات ثار العمال الصينيين ضد حكامهم، واشتعلت الحرب الأهلية في أسبانيا 1936- 1939 عندما قام العمال وفقراء الريف بالتصدي لمحاولة الانقلاب اليميني وقرروا السيطرة على المجتمع وتسيره لصالحهم.

بعد الحرب العالمية الثانية حول العمال في إيطاليا واليونان القتال ضد الاحتلال النازي إلى قتال من اجل العدل والمساواة، والعقود التي تلت تلك الفترة مرت بها العديد من اللحظات الثورية، فلقد شهدنا نضالات من أول حركات التحرر الوطني ضد المستعمر السابق كما حدث في فيتنام حتى الكفاح ضد الستالينية في المجر، وأيضا نضالات باريس في مايو 1968، والثورة البرتغالية 75- 1976، ومنذ وقت ليس ببعيد شهدنا خبرة سلطة العمال في القرى على اختلافها كما حدث في بولندا وإيران، طوال هذه الفترة مرة واحدة فقط نجحت ثورة العمال في تولى السلطة في ثورة أكتوبر 1917 في روسيا.

هذا التباين الحاد في النتائج لم يعتمد على ظروف تاريخية أو قومية خاصة، على العكس من ذلك فقد نبع من قدرة الحزب الروسي الثوري (حزب لينين البلشفي) على قيادة الطبقة العاملة على طريق تولى السلطة. في بداية 1917 كان الحزب البلشفي حزب أقلية ضئيلة داخل الطبقة العاملة أما بين السكان ككل (الذي كان أغلبهم من الفلاحين) فقد كان أقلية اصغر، وعندما نهض عمال بتروجراد في ثورة فبراير فاجئوا البلاشفة تماما، الثورة في البداية لم يكن هدفها حصول العمال على السلطة بل كانت موجهة لمطالب اكثر محدودية مثل نهاية الاوتوقراطية القيصرية وإقامة ديمقراطية حقيقية ونهاية الحرب الدامية في أوروبا.

بعد سقوط القيصرية  كانت الحكومة الجديدة ضعيفة ومذبذبة والمجتمع كله يعانى من أزمة عميقة وسرعان ما ظهرت أشكال الحكم الجديدة كالسوفييتات أو مجالس العمال. في البداية كان البلاشفة معزولين داخل السوفييتات ولكنهم استطاعوا في وقت قصير كسب مساندة كبيرة لأفكارهم ولنشاطهم وبدأت الأغلبية العظمى من العمال تنجذب لشعاراتهم، فقد فهم العمال أن الطريقة الوحيدة للتقدم هي تحطيم آلة الدولة القديمة (التي دعمت الجيش ودافعت عن نظام الملكية الخاصة) وتأسيس دولة جديدة يكون أساسها سلطة العمال.

فهم البلاشفة الواضح للموقف وجذورهم الممتدة داخل الطبقة العاملة كان نتيجة لشكل حزبهم وطريقة بنائه. لقد كان حزبا مبنيا على عنصرين هامين هما الفاعلية والأفكار، نجاحهم كان ثمرة قدرتهم على اختبار الموقف والنقاش حوله والوصول إلى نتيجة موحدة كانت هي التي يتم وضعها موضع التنفيذ. من هنا نبعت قدرتهم على النقاش بين اكثر العمال المسيسين من اجل إسقاط آلة الدولة القديمة وإنشاء أول دولة عمالية. جانب آخر من نجاح الحزب البلشفي كان أساسه بنائه التنظيمي، ذلك البناء الذي ناسب وجود السوفييتات والحاجة إلى تحطيم الدولة القديمة.

هذه النقطة الجوهرية - تحطيم آلة الدولة القديمة- هي ما ميز الحزب البلشفي، فالأحزاب الاشتراكية التي سبقته كان هدفها مجرد التغلب على المؤسسات القائمة دون تغيير علاقات السلطة الجوهرية في الرأسمالية.

وبصرف النظر عن روسيا 1917 ففي كل الأحداث الثورية التي حدثت في العالم يبدأ الثوريين كأقلية ضئيلة ولكن مع استمرارها ومع تعمق أزمة المجتمع فان أفكارهم تحدث الصدى المطلوب لدى اكبر عدد ممكن من الناس، وتظهر بشكل حاد تساؤلات حول إصلاح النظام القائم أو إسقاطه. الكثير من العمال متعطشون للثورة ولكن غياب البديل يدفعهم لاعتبار قادتهم القدامى وسيلة لتحقيق مطالبهم، في مثل هذا الموقف فان وجود حزب ثوري متماسك قبل حلول الطوفان هو أمر في غاية الأهمية، مثل هذا الحزب يجب أن يشتمل على منظومة من الأفكار ويضم الآلاف (إن لم يكن اكثر) من الأعضاء والمؤيدين الذين قضوا أعواما في النقاش والمساجلات حول الاستراتيجية والتكتيكات في الوقت نفسه الذي يقومون فيه بالاشتباك في النشاطات اليومية من خلال آلاف القضايا المختلفة.

لا يعنى ذلك بأي حال أن هذا الحزب معصوم من الأخطاء خلال مشوار الثورة بل يعنى انه سيكون على استعداد تام للتعامل مع تغيرات وتحولات المواقف بصورة افضل من أن يتم ذلك فجأة في أثناء الصراع.

هذا ما يجعل تأسيس حزب ثوري ذو مبادئ أمرا هاما اليوم، وعلى الثوريين أن يستلهموا معظم نظرية حزبهم من خبرة لينين والبلاشفة، فالأعوام التي أنفقت لبناء الحزب البلشفي حتى في أحلك الظروف لم تضيع هباء، والسبب الرئيسي لذلك كان اختلاف مبادئ حزب لينين عن كل المبادئ التنظيمية السائدة في عصره، لقد طالب أعضائه بمستوى من الالتزام والفاعلية وكان ما سمح لقراراته أن تكون بهذه الفاعلية هو اعتماد الحزب الأساسي على فكرة المركزية الديموقراطية.


ما هي المركزية الديمقراطية؟

رغم أن مصطلح "المركزية الديموقراطية" يبدو للوهلة الأولى متناقضا إلا انه ليس كذلك في الواقع. فالمركزية هي النتاج المنطقي للحوار الديموقراطي الحقيقي فالقضايا تدار حولها المناقشات بل والمعارك أحيانا وحين يحسم الأمر فان كل فرد بصرف النظر عن موقفه في عملية الحوار عليه أن يلتزم بالقرار ويعمل بموجبه.

هذا ما يعد متناقضا مع الديموقراطية المزعومة في المجتمع الرأسمالي، فنحن نملك حق التصويت في الانتخابات المحلية والقومية ولكن علاقة ما نريد من مطالب بذلك الشخص الذي منحناه أصواتنا علاقة لا تمت بصلة لما يحدث على ارض الواقع فمعظم القرارات يتم وضعها بواسطة أناس لا نملك عليهم أي نوع من السيطرة، وبالتالي فنحن لا يد لنا في تلك القرارات التي تسير حياتنا، نحن لا نمتلك حق التصويت حول ما إذا كان يتوجب إغلاق مصنع أو بناء محطة للطاقة النووية أو ما إذا كان يجب وقف خط  أتوبيس مثلاً، ذلك لان الأقلية (أصحاب المال والجاه والنفوذ) وليس الأغلبية هي التي تقرر ما الذي يجب عمله في معظم الأشياء الهامة، ولان الديموقراطية تصبح غير ذات قيمة بدون اتخاذ قرارات ديموقراطية لذا فانه في ظل الرأسمالية لا وجود للديموقراطية الحقيقية.

الأحزاب أمثال حزب العمال البريطاني ربما تدار لديهم بعض الحوارات الفردية والسجالات ولكن نادرا ما يلتزم أعضاء الحزب بنتائجها إذ ليس هناك صلة بين ما يتم قوله أو فعله وبين هؤلاء الذين يمضون في طريقهم من خلال مواقعهم لصنع القرارات هذا ناتج من حقيقية أن قادة الحزب والأغلبية من أعضاء البرلمان يجهلون تماما قرارات مؤتمر حزب العمال من دون أن يوجه لهم أي لوم.

إن التكوين الحزبي لمنظمة ما ينبع من حقيقة الدور الذي تلعبه في المجتمع، أحزاب مثل حزب العمال البريطاني ترى أن دورها "على أحسن تقدير" هي تسيير أمور المجتمع القائم من خلال البرلمان والمجالس المحلية وما إلى ذلك، لهذا فان تكوينهم الحزبي يتناسب تماما مع ما يقومون به من مهام على الأقل كما يرونها هم.

أما الحزب الثوري فله دور مختلف تهيئه له المركزية الديموقراطية فهو مبني على مهمتين أساسيتين، أولهما هو أن الطبقة العاملة لا يمكنها تولى السلطة وتسييرها لأجل صالحها بسهولة، والثانية هي حقيقة أن الأفكار السائدة في أي مجتمع هي أفكار الطبقة الحاكمة، يعنى هذا أن الحزب يجب أن يُنظم للقتال من أجل سلطة العمال من أسفل وذلك في سبيل بناء المجالس العمالية وإسقاط الدولة لذا فإن على الأقلية المنظمة في الطبقة العاملة عبء النضال ضد أفكار الطبقة الحاكمة ولأن وجود حزب ثوري مرتبط بفكرة التغلب على التفاوت داخل الطبقة العاملة فإن عليه تعميم خبرة هؤلاء الذين يفهمون طبيعة المجتمع الرأسمالي ووسائل القضاء عليه بشكل أفضل إذ لا يمكن للحزب الثوري أن يكون مجرد انعكاس لمستوى الفهم السائد وسط العمال في وقت بعينه بل عليه أن يكافح بشكل واعي ضد هذه الأفكار نظريا وعمليا.

ومن أجل التغلب على التفاوت في وعى الطبقة العاملة فعلى الحزب أن يتبع طريقين اثنين، أولهما أن يكون "ذاكرة الطبقة" فكل تاريخ نضال العمال في الغالب غير ظاهر لنا حتى في الصحف ومراكز الأبحاث والمدارس والجامعات نحن لا نتعلم الكثير عن الإضرابات وانتصارات العمال، حتى عندما نعلم عن هذه الإضرابات فإن القصص تصل إلينا بشكل مشوش وبالتبعية فإننا نجهل كل شيء تقريبا عن كفاح العمال في البلدان الأخرى، لذا فإن من أهم المهام الملحة للحزب أن يتأكد من أن تاريخ الطبقة العاملة قد تغلغل في وعى العمال و أن دروسه قد تم استيعابها على نحو تام.

الطريق الثاني الذي يجب على الحزب الثوري أن يسلكه هو أن يتعلم من الطبقة العاملة. هذه المعادلة الصعبة تحدث نوعا من الحيرة إذ إنه لو كان الحزب هو حزب الطبقة العاملة وذاكرة الطبقة أليس على العمال أن يتعلموا منه وليس العكس؟! المشكلة تحدث عندما يتم اعتبار الطبقة العاملة مجموعة من المتلقين السلبيين لتعاليم الحزب حيث أن هذا يرسخ مبدأ النخبوية ويترك الفرصة لتساؤل مفاده من الذي يعلم المعلمون إذن؟

إن حقيقة العلاقة بين الحزب والطبقة هي علاقة مرنة تعتمد على تعلم الحزب من الخبرات الحية للطبقة، وهذا يستلزم أن يبذل الحزب كل جهد لخلق صلات مع العمال والحفاظ عليها، وهذا لا يعد صحيحا فقط في الأوقات التي يشارك فيها العمال في الصراع عن طريق الإضرابات والاستيلاء على المصانع وخلافه بل هو بنفس الدرجة من الأهمية عندما يكون مستوى كفاح الطبقة منخفضا (حالات الجزر).

الحزب الثوري الحقيقي هو الذي يحافظ دائما على صلاته بالعمال لهذا فإن قدرا كبيرا من الأهمية يلقى على إنتاج المجلات والنشرات والتقارير والكتيبات عن القضايا المختلفة داخل المصانع و توزيعها وإصدار كتيبات للعمال عن قضايا أخرى كالحركة النقابية أو أزمة السكن بهذه الطريقة فقط يمكن للحزب أن يصبح ذاكرة للطبقة العاملة و في الوقت نفسه يتعلم من نضال العمال.


القيادة

أحد الملامح الرئيسية لنظرية لينين حول الحزب هو مفهوم القيادة هذا المفهوم الذي يحدث أيضا نوعا من الحيرة لدى هؤلاء المعترضون على اللينينية إذ يقولون أن القيادة هي نوع من الكهنوتية والنخبوية. مثل هذه الأفكار خاطئة تماما، فالقيادة ضرورية في الحزب الثوري تحديدا بسبب التفاوت في الطبقة العاملة ولان الأفكار السائدة في مجتمعنا هي تلك الأفكار الخاصة بالطبقة الحاكمة. إن كل عضو من أعضاء الحزب يجب أن يعتبر نفسه أو نفسها كقائد سواء في موقع العمل أو في مكان السكن، القيادة يجب أن توجد بكل المستويات محليا وقوميا وأن تنبع بشكل طبيعي من المركزية الديموقراطية، يعنى هذا أن الذين يبنون الحزب هم أنفسهم الذين يقاتلون من أجل أفكارهم وتكتيكاتهم في الحزب ومع الطبقة العاملة، لهذا فان الحزب الثوري لا يضم قيادة محددة هي بالضرورة التي تعرف اكثر من الجميع.

المفهوم اللينيني للقيادة مختلف تماما عن الرؤى النخبوية المعتادة للقيادة في ظل الرأسمالية، فالقيادة تعنى معرفة كيف نواجه أفكار الطبقة الحاكمة التي يقبلها معظم العمال في أغلب الأحيان، وتعنى أيضا معرفة كيف يمكننا العمل لتحدى سلطة الطبقة الحاكمة سواء عن طريق إضراب أو تمرد.  أعضاء الحزب الثوري يجب أن يكونوا متأهبين تماما اكثر من غيرهم للقيادة بهذه الطريقة، لا يعنى ذلك انهم دائما ما يفعلون هذا أو أنهم دائما على حق، فأحيانا وخاصة في أوقات ارتفاع درجة النضال الطبقي "المد" يمكن لهؤلاء الثوريين الذين قضوا الأعوام الطوال في النقاش حول السياسات الاشتراكية يمكن أن يكونوا أبطأ من أن يدكوا حالة أو درجة الكفاح داخل الطبقة العاملة.

كان هذا صحيحا حتى بالنسبة لحزب البلاشفة عام 1917 فيصف تروتسكي في كتابه (دروس ثورة أكتوبر) كم أن اكثر القادة البلاشفة خبرة كانوا في حالة من البطيء والحذر عند قيام الثورة ويشرح السبب قائلا "كل حزب بما في ذلك اكثر الأحزاب ثورية يجب أن ينتج وسائل محافظة تنظيمية وإلا فانه سوف يفتقد استقراره الضروري ولكن لهذه المسألة درجتها، ففي الحزب الثوري الضرورة الحيوية للمحافظة يجب أن ترتبط بتحرر تام من الروتين بمبادرة في التوجه وجرأة في الفعل"، ويمضى تروتسكي قائلا "كلا من المحافظة والمبادرة الثورية تكون موجودة بشكل اكثر كثافة  لدى الكوادر القيادية في الحزب"

ولكن بصفة عامة فإن الثوريين من المأمول تواجدهم في صدارة كل صراع، يقاتلون من اجل الوصول بالصراع إلى نهاية ناجحة، تلك هي الطريقة الوحيدة التي بها يمكن للأفكار الثورية أن تختبر بشكل عملي، فالقيادة داخل الطبقة تسير يدا بيد مع القيادة في الحزب، ويطرح البعض أحيانا أنه ليس هناك وقاية ضد القيادة السيئة في الحزب اللينيني الأمر الذي بإمكانه أن يقود البعض لتخليد القيادة المخطئة سياسيا بحجة كونها (القيادة)، ويدعمون رأيهم بما حدث في روسيا الستالينية، غير أن الحزب الشيوعي الذي حكم بقيادة ستالين كان النقيض التام لكل ما كان البلاشفة ولينين يناضلون من أجله فقد ألغى ستالين الحوار الديموقراطي ومجالس العمال الحقيقية والحرية لم يكن هذا نتاج حتمي لفكرة القيادة بل هو نتاج لذلك الاتجاه الذي أتبعه ستالين في حكمه لروسيا.

القيادة الحقيقية في المنظمة الثورية تعنى أن القرارات المتخذة يمكنها أن تكون أحيانا خاطئة، في خطبة لينين الأخيرة للأممية قبل وفاته قال "لقد ارتكبنا كومة من الحماقات".

القادة الحقيقيون ليسوا منزهون عن الخطأ ولكنهم قادرون على إدراك الخطأ وقبوله والتعلم منه، وهذا لا يمكنه أن يحدث إلا بالتعلم الدائم من الطبقة العاملة وباختبار نظرياتها وأفعالها بصورة عملية، القدرة على ذلك تمنح الثوريين الحق في القيادة داخل الحزب والطبقة، لهذا فانه ليس هناك أي نوع من الكهنوتية في الحزب الثوري.

هناك أناس من خلال المعرفة والخبرة والقدرة على التوجيه يرون في أنفسهم القدرة على القيادة إلا أنهم لا يعرفون كل شئ، على العكس من ذلك أنهم يقترفون العديد من الأخطاء لأنهم يواجهون بشكل دائما موقف ومشاكل جديدة.

كلما امتدت جذور الحزب داخل الطبقة العاملة كلما ارتبط أكثر بالصراع الحقيقي وكلما زادت نسبة حدوث الأخطاء، ولكن نسبة التعلم من الأخطاء ومعرفة احتمالات تكرار الخطأ في المستقبل تزيد هي الأخرى، أنه من السهل جدا أن تبقى ذو مبادئ ثابتة عندما لا تفعل شئ، الأصعب  أن تثبت على هذه المبادئ حين تنغرس يوما بعد يوم في الصراعات الطبقية.

لهذا فالاختبار الدائم وإعادة التقييم والحوار حول التكتيكات يعد أمرا جوهريا لتطوير أي حزب ثوري، وهذا ما تؤكده خبرة النشاط والاشتباك مع مختلف قضايا الطبقة العاملة، فهذه الخبرة أثبتت أن عملية الحوار الديموقراطي المركزي هي أمر جوهري للانغراس في الصراع الطبقي.


كيف يبني الحزب تأثيره؟

واحدة من اكثر المشكلات التي تواجه هؤلاء المعنيون بالتغيير الثوري التساؤل حول حجم وتأثير المنظمات الثورية، فالأحزاب الثورية عادة ما تكون صغيرة (حتى لو بلغت الآلاف) مقارنة بالأحزاب الإصلاحية الكبرى، الأحزاب الاشتراكية الثورية في بلدان كثيرة حتى عهد قريب أرقام عضويتها تعد غير ذات قيمة، وليس هناك طريقة سهلة لحل هذه المشكلة فإذا كان صراع الطبقة العاملة منخفض المستوى (جزر) لبعض سنوات فان المجموعات المؤسسة على السياسات ذات المبادئ الثورية والتحرر الذاتي للطبقة العاملة سوف تكون صغيرة ولكن المشكلة تتفاقم لحظة أن تعلو درجة الصراع الطبقي، فكيف يمكن للحزب الثوري أن ينمو؟

أولا، إن الأفكار تميل إلى أن تتغير في الصراع، فنشاط مثل الإضرابات أو احتجاجات الطلبة أو محاربة الطائفية والعنصرية أو أحداث مثل حرب الخليج تدفع أعداد كثيرة من الناس ليروا العالم بشكل مختلف، فتحركهم الجماعي يجذبهم لأفكار كالتضامن ومن ثم للاشتراكية، لهذا فإن نمو المنظمة الثورية يأتي متوافقا مع المستويات العليا من الصراع أو فترات النزوع إلى الحلول الجذرية، في مثل هذه الأوقات لا يكون النمو مجرد زيادة في عدد الأعضاء (كمي) ولكن عادة ما يكون وثبة نوعية أي نقلة كيفية، ذلك عندما يصل عدد ضخم من الناس لنفس النتيجة حول الحاجة لقطع الصلة بالطرق القديمة للتنظيم السياسي ويعدون أنفسهم للتغيير الثوري.

إن إمكانيات النمو في السنوات القادمة تعتمد على البناء في مواقف سياسية معينة، ومع ذلك فانه لا يكفى الثوريين أن يترقبوا الموقف المناسب وينتظرون فلول العمال لكي تنضم إليهم، بل يجب على الحزب الثوري أن يحاول زيادة عضويته في فترات انخفاض مستوى الصراع الطبقي، يتم ذلك عن طريق الانغراس في الصراعات التي تحدث وعن طريق إدارة النقاشات والحوارات لأوقات طويلة أحيانا مع هؤلاء الذين يعترضون على المجتمع الرأسمالي.

 حتى في أوقات ذروة الصراع يجب أن تتم محاولة استمالت عدد كبير من العمال أعضاء الأحزاب القديمة أو القادة النقابيين نحو سياسات ثورية حقيقية، يمكن لذلك أن يحدث فقط عندما نثبت لهم بشكل عملي أن الأفكار التي وضعها الثوريين صحيحة بشكل عملي.

لهذا فانه إلى جانب التعهد المطلق ببناء حزب مستقل يجب أن يكون هناك التزام بالعمل في (الجبهات المتحدة) وهذا يعنى المحاولة للتنسيق حول قضايا معينة، وتعد الفاشية من اشهر القضايا التي دار الصراع حولها في الثلاثينات والتي أمكنها توحيد الطبقة العاملة في برنامج واحد لمطالب بعينها، وكما قال تروتسكي "فلنسير كلا على حدا ولنهجم معا".

 عن طريق الجبهات المتحدة يمكن للثوريين العمل مع هؤلاء الذين ينتمون لأحزاب غير ثورية في قضايا معينة مع التمسك بمبادئهم ووضوحهم السياسي، ولان الثوريين يملكون اكثر من فكرة حول كيفية القتال في هذه القضايا مقارنة بقادة الأحزاب الإصلاحية، لذا فأنهم يكسبون أعداد ذات قيمة من العمال على سياساتهم ومواقفهم في هذه العملية.


العودة إلى التراث الثوري 

كل سمات المجتمع التي أدت بلينين لبناء الحزب البلشفي لازالت قائمة الآن فنظام الاستغلال الذي نعيش في ظله تتم حمايته بواسطة آلة الدولة التي تحاول ضمان حكم رأسمالي مستمر وأبدي، ويمكن التصدي لذلك فقط عن طريق بناء منظمة مركزية ليست مؤسسة على النضال البرلماني (لان البرلمان لا يمكنه تحدى سلطة الدولة) ولكن عن طريق مجالس العمال تلك المجالس التي يمكنها أن تصبح مصدرا للسلطة الاختيارية السلطة النابعة من تحكم العمال في الإنتاج.

إن الحاجة لمجابهة وتدمير الدولة الرأسمالية ستكون كافية لتبرير بناء حزب ثوري، هؤلاء الذين ينتقدون بناء مثل هذا الحزب هم أنفسهم الذين يؤمنون أن الدولة هيئة طبيعية فوق الطبقات يمكن أن توضع تحت تصرف العمال، كل الخبرات التاريخية أثبتت خطورة هذا الطرح فالإصلاح السلمي قد يتحول إلى ثورة مضادة عنيفة، الدرس المستفاد من تجربة شيلى سلفادور الليندى يجب إلا يغيب عن وعى كل اشتراكي ثوري، ففي عام 1973 قام الجيش بمساندة الولايات المتحدة بالإطاحة بالرئيس المنتخب للحزب الاشتراكي، وقاموا بذبح عشرات الآلاف من الكوادر النشطة في الطبقة العاملة،  الليندى والحزب الاشتراكي تم تحذيرهم اكثر من مرة من أن هناك استعدادات لعمل انقلاب إلا انهم حتى اللحظة التى اقتحمت فيها الدبابات قصر الرئاسة ظلوا يرددون أن الجيش يدين بالولاء للنظام وانه لن يطيح بأقدم ديموقراطية في أمريكا اللاتينية!!.

وجود الحزب الثوري ليس ضروريا فقط في أوقات (المد) ذروة الصراع الطبقي بل هام بشكل قاطع في حالات الجزر حيث يعطى للاشتراكيين الفرصة لان يحدثوا نوعا من التأثير في الصراع، وذلك لأنه أولا يوثق الصلة بين الاشتراكيين والطبقة العاملة، ثانيا يسمح لهم بان يتجمعوا سويا في النقابات وأماكن العمل للتحاور حول موقف معين أو حول تكتيك ما، إن الحزب يمنح الاشتراكيين القدرة على العمل بصورة أكثر تنظيما وفاعلية.

من أدوار الحزب أيضا أنه يعمل على التغلب على الفصل بين السياسة والاقتصاد الموجود في المجتمع الرأسمالي، ففكرة أن الصراع السياسي منفصل عن الصراع الاقتصادي للعمال ليست فقط فكرة خاطئة (حيث هذا الانفصال غير متحقق أصلا في المجتمع الرأسمالي) بل هي تعمل أيضا على تفتيت العمال وإضعاف حركتهم.

الصراع الطبقي هو المفتاح الرئيسي لتحقيق التحول الاشتراكي للمجتمع، إن الصراع الطبقي يتفاقم بشكل حتمي سواء كان هناك حزب ثوري أم لا ولكن التدخل المنظم للثوريين هو الذي يؤدى إلى نتائج مختلفة، والحزب المنغرس داخل الطبقة العاملة هو الوسيلة الوحيدة لهذا التدخل هو الأداة الوحيدة للنجاح المنتظر، لهذا فعلى هؤلاء الراغبين في التغيير الجوهري للمجتمع أن يكونوا أعضاء في تنظيم لينيني.

ورغم أن التصور العام للمنظمة اللينينية قد تم تشويهه عن طريق الستالينية فان دورنا الرئيسي اليوم التأكيد على أن المنظمة اللينينية تبقى الأكثر ديموقراطية والأكثر انفتاحا للعمال والوسيلة الوحيدة الممكنة لقيادة الطبقة العاملة بنجاح في نضالها من اجل انتصار الاشتراكية. الاشتراكية الآن تعنى إعادة إرساء التقاليد اللينينية.

 

 

لماذا نحتاج إلى حزب؟

4

أنواع الأحزاب المختلفة

5

ما هي الخبرة النضالية؟ 

7

ما هي المركزية الديمقراطية؟

9

القيادة

11

كيف يبني الحزب تأثيره؟

13

العودة إلى التراث الثوري 

14

Partager cet article
Repost0
13 mai 2012 7 13 /05 /mai /2012 09:27
تحليل لطبيعة الانتفاضات الطلابية

لقد كان التعليم العالي في مطلع القرن العشرين هو التدريب الذي يتلقاه أبناء الطبقات الحاكمة وجزءًا صغيرًا من أبناء الطبقات المتوسطة، في مخلتف بلاد العالم في ذلك الوقت، حتى يتمكنوا من لعب الدور المطلوب منهم في خدمة الطبقة الحاكمة على المستوى الفكري والأيديولوجي فكان التعليم العالي موظفًا بشكل أساسي في إنتاج المحامين وكبار الموظفين والمديرين، وبالتالي كان شكله المطروح يناسب هذا القطاع الاجتماعي الذي يعيش على فائق القيمة، وكانت الصفة الأساسية لهذا النظام التعليمي الموجه إلى الصفوة هي بعده التام عن الحقيقة، من خلال تركيزه على كلاسيكيات المعرفة، والأشياء "العظيمة" في التاريخ، والهدف الأساسي منه هون توجيه فكر أشخاص سوف يتحولون ليصبحوا نوى الاستغلال، إلى إدراك حقيقتين هامتين، الأولى هي الانتماء للصفوة، والثانية هي الإيمان بحق المرء فيما يفعله وقدرته على القيادة.

في مثل هذا النظام لا يمكن أن يصبح الطلبة ثوريون إلا في تمرد البرجوازية ذاتها على النظم الإقطاعية والملكيات المستبدة ولكن عندما تواجه البرجوازية تهديدًا ثوريًا من قبل الطبقة العاملة، سيتخذ هؤلاء الطلاب موقفًا رجعيًا، مثلما حدث في فرنسا 1848، وفي روسيا 1917، وفي ألمانيا في سنوات 1919 ـ 1923، وسنوات 1930 ـ 1933.

لكن احتياجات النمو الرأسمالي في القرن العشرين تطلبت نظامًا جمعيًا مختلفًا فالرأسمالية التي كان أساسها هو المنافسة بين شركات خاصة وتطورت إلى أشكال احتكارية تعتمد على الأسهم ثم أصبحت تحتاج إلى تدخل الدولة عبر عمليات التأميم، ازدادت ارتباطًا بالدولة مع الوقت، وأصبح التراكم الرأسمالي الناجح يحتاج إلى التطبيق المستمر والمنظم للعلم والتكنولوجيا في الصناعة، وأصبح في حاجة إلى جماهير من الموظفين يعملون داخل الأجهزة البيروقراطية في أعمال خاصة بالتحكم ، وفي مساعدة البرجوازية في المحافظة على هيمنتها الأيديولوجية، وأصبح بالتالي على الجامعات أن تتوسع لتوفر هذه الحاجات.

كان التوسع الكمي في أعداد الطلاب بطيئًا في البداية ثم زادت معدلاته بشكل سريع في فترة الازدهار الاقتصادي التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، ولم يكن التوسع كميا فقط، لكن كان هناك أيضًا توسعًا كيفيًا، فعلاقة الجامعات بالمجتمع تغيرت، وكان عليها أن تخرج أعدادًا هائلة من التكنوقراط والموظفين، إلى جانب الحكام والمفكرين، أي كان عليها أن تصبح مصانع للمعرفة.

لم تعد الجامعات مجتمعات صغيرة لأبناء الطبقة الحاكمة ومعلميهم، لقد ظل مديرو الجامعات وعدد من أساتذتها من أبناء تلك الطبقة، لكن التركيبة الاجتماعية لغالبية المحاضرين والطلبة قد تغيرت نتيجة للوضع الجديد، فلم تعد البرجوازية هي الأصل الطبقي للطلبة، لكن أصبحت الغالبية العظمى منهم من أبناء الطبقات المتوسطة، وأصبحت المواقع الطبقية التي صوف يشغلها هؤلاء الطلاب بعد تخرجهم، هي مواقع الطبقات المتوسطة، وسوف يعمل أغلبهم كأجراء داخل المؤسسات الرأسمالية الكبرى، إن هذا لا يعني أيضًا أن الطلاب كانوا جزءًا صغيرًا منهم يتنقل بعد التخرج إلى صفوف الطبقات الحاكمة.

سوف يكون من الخطأ نتيجة لتنوع الأصول الطبقية للطلبة والمواقع الاجتماعية التي سيشغلونها بعد تخرجهم أن نعتبرهم طبقة اجتماعية موجودة بالفعل فهم مجموعة من الشباب في مرحلة انتقالية لم تحدد بعد مواقعهم الطبقية.

خلال تلك المرحلة الانتقالية سنجد بعض العوامل المشتركة التي تجمع بين الطلبة أهمها أنهم مركزون في أعداد كبيرة، ومعظمهم يواجه نفس الصعوبات الاقتصادية، والأهم أنهم جميعًا يواجهون نفس نظام الامتحانات الغاشم، هذا النظام الذي كان في فترة الستينات ومطلع السبعينات، أي أثناء ازدهار رأسمالية الدولة على مستوى العالم، أحد العوامل الرئيسية في تحديد من من هؤلاء الطلبة سينتقل بعد تخرجه إلى مواقع طبقية متقدمة، ومن سينتهي به الحال إلى وضع لي أفضل كثيرًا من العمال اليدويين إن نظام الامتحانات لم يكن أبدًا أداة لربط وتوحيد الطلبة بقدر ما كان أداة لتفرقتهم، حيث يرى كل منهم نفسه مفصولاً عن الآخرين، في إطار تحديد موقعه الطبقي المستقبلي.

إن الطلبة جماعة من البشر لا تتمتع بأي علاقة محددة بعملية الإنتاج، سوف تتحدد مواقعهم الطبقية بناءًا على عوامل خاصة بسوق العمل، وإنجازاتهم الفردية داخل نظام الامتحانات، لكنهم جماعة مضطهدة، فمن جهة يواجهون نظامًا للامتحانات يخنق آية إمكانيات فكرية، ومن جهة أخرى يسردهم شعور بعدم الأمان بالنسبة للمستقبل في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيش فيها معظمهم، بالإضافة إلى الأزمة المعرفية الناتجة عن نوع الدراسة التي يتلقاها الطلبة داخل الجامعة، التي يلقنون بها، حتى يكونوا قادرين على نقلها إلى غيرهم بعد تخرجهم، في ذات الوقت الذي يكتشفون فيه تناقض تلك الأيديولوجيا مع المواقع، بسبب احتكاكهم بهذا الواقع من خلال مواقعهم الطبقية المختلفة.

إن حالة من الاغتراب العام تسرد بين الطلبة نتيجة للأشكال المختلفة من الاضطهاد التي يعانون منها، وهذه الحالة تعبر عن نفسها بشكل سلبي أحيانًا، مثل محاولة الحرب باللجوء إلى المخدرات وأشكال الإدمان المختلفة، وأحيانًا أخرى تعبر عن نفسها بشكل إيجابي في انفجارات وحركات احتجاج واسعة ومفاجئة تواجه السلطات داخل الجامعة وخارجها، فحالة الاغتراب تلك تساعد الطلبة على تبني كافة الأفكار المعارضة والرافضة للنظم الحاكمة، وأيضًا تساعدهم على الاستجابة السريعة لأي مؤثر سياسي خارجي، لكن نتيجة لتنوع الأصول الطبقية للطلبة، وبسبب تغير الفئات الاجتماعية السائدة بينهم في فترات التاريخ المختلفة، سنجد الحركات الطلابية في حالة تذبذب دائم بين الاتجاهات السياسية المختلفة، وفي حالة صعود وهبوط حاد، ولأن الحركات الطلابية الصاعدة تمثل قوة سياسية على الساحة، فإن الحكومات البرجوازية سوف تسعى إلى السيطرة عليها طول الوقت، من خلال نظم الامتحانات، وترويج مفاهيم بعينها داخل المناهج التعليمية، وفرض الوصاية السياسية والإدارية على كافة المؤسسات الطلابية.

شهد العالم صعودًا حادًا في الحركات الطلابية في الستينات ومطلع السبعينات، واتسمت هذه الحركات منذ بدايتها بطابع يساري معادي للأنظمة الحاكمة، لكنها في ذات الوقت كانت تتمتع بفقر شديد في وعيها الطبقي، ومعادتها للأنظمة الحاكمة لم تكن تأييدًا للصراع الطبقي، فهم ـ أي الطلبة ـ كانوا يرون أنفسهم في موقع متميز لتهديد السلطة، وإن الحلف القادر على مواجهة السلطة يشمل الطلبة وشرائح من الطبقات "الوسطى والفقراء" وأن النظام الرأسمالي العالمي أصبح مغلقًا لا يمكن تهديدة غلا من قبل المجموعات الهامشية وشعوب العالم الثالث، أي أن تحرير العمال لا يمكن أن يكون مهمة العمال أنفسهم، لكنه يستلزم وجود عناصر من المثقفين تقوم برفع الغطاء عن أعين العمال، وكان نتيجة لهذه الرؤى التي سادت الحركات الطلابية في بدايتها، ظهور قيادات كاريزمية تعبر عن العداء للسلطة، وتدعي غالبًا نهاية عصر القادة من أي نوع، وكان نتيجتها أيضًا تذبذب الحركات الطلابية في اتجاهات حادة طول الوقت وتراجعها في النهاية.

في جامعة بركلي الأمريكية كانت توجد في مطلع الستينات حركة صغيرة للدفاع عن الحقوق المدنية للسود، ونتيجة لموقف الإدارة الجامعية من هذه الحركة، صعدت في ديسمبر 1964 حركة طلابية واسعة ضمت مجموعات راديكالية واشتراكية ومنظمات سلام وأيضًا مجموعات دينية ويمينية، ذات مطلب أساسي هو الدفاع عن حق الطلبة في تنظيم أنشطة سياسية داخل الجامعة، خاصة ضد التفرقة العنصرية.

وانتشرت الحركة الطلابية من جامعة إلى جامعة حول العالم، فانفجرت في الجامعة الحرة في برلين الغربية في يونيو 1966 حركة طلابية واسعة، بدأت باحتجاج الطلبة على رفض الإدارة السماح بعقد محاضرة، كان مقترحا أن يلقيها أحد الكتاب المعادين للنظام، وتصاعدت الحركة احتجاجًا على حرب فيتنام، وعقاب الإدارة لبعض قادة الاحتجاج، وكانت تقود تلك الحركة منظمة ماركسية تتبنى تحليلات مدرسة فرانكفورت، ومنظرين مثل هربرت ماركوز، حول دور الطلبة والمجموعات الهامشية في تغيير النظام الرأسمالي القائم، وانتشرت تلك الحركة بعد ذلك في معظم جامعات ألمانيا في عام 1967.

وفي مارس 1967 انفجرت حركة أخرى في مدرسة لندن للاقتصاد السياسي احتجاجًا على تعيين أ؛د المتواطئين مع النظام العنصري في روديسيا، مديرًا للمدرسة، وبعد الإجراءات العقابية التي اتخذت ضد ممثلي الطلبة، انتشرت الحركة في معظم جامعات بريطانيا في 1968، وفي البداية كان الماركسيون يلعبون دورًا محددًا في الحركة، لكن بعد عامين من صعود الحركة في بريطانيا، وبعد صراع وحوار لم ينقطع، أصبح لهم دورًا كبيرًا، وأصبح شعار الحركة الرئيسي موجه ضد البرجوازية، لكن أيضًا كان الماركسيون في ذلك الوقت يتوجهون أساسًا لخلق قواعد حمراء لهم في الجامعات.

وفي خريف 1967 صعدت حركة طلابية واسعة في إيطاليا، بدأت في جامعات تورين وتورنتو والجامعة الكاثوليكية في ميلانو، وانتشرت في كل جامعات إيطاليا في يناير وفبراير 1968، وكان هدف الحركة في البداية الاحتجاج على زيادة عدد الامتحانات المطلوب أدائها، ثم تطورت سريعًا وأصبحت حركة احتجاج سياسية واسعة، وساعد في ذلك قمع الإدارة الجامعية والبوليس للحركة.

وفي فرنسا من مارس 1968 انفجرت حركة طلابية في جامعة تانتر احتجاجًا على منع الطلبة والطالبات من زيارة بعضهم البعض في المدن الجامعية، وانتشرت في كل جامعات فرنسا في مايو 1968، وتحولت سريعًا إلى حركة احتجاج سياسي واسعة، وساعدت على انفجار حركة عمالية كبرى، تحدثنا عنها بالتفصيل في العدد السابق، وعلى الرغم من أن الحركة الطلابية منذ البداية كانت معادية بشدة للسلطة، إلا أنها في بدايتها لم تتعدى في الشعارات التي ترفعها مفاهيم "السلطة للطلبة" و "من أجل تحرر الإنسانية".

وانفجرت في مارس 1968 أيضًا حركة طلابية في جامعة كولومبيا الأمريكية، احتجاجًا على طرد عدد من السود من مساكنهم لتوسيع المنشآت الرياضية للجامعة، وانتقلت الحركة سريعًا لتصعد مرة أخرى في جامعة بركلي، ثم انتشرت في عدد من الجامعات الأمريكية، وكان اليسار الجديد يهيمن على الحركة في أمريكا، ويطرح بدائل أخلاقية دوجماتية، وحتى بعد ضرب فيتنام وسقوط أوهامهم عن الحزب الديمقراطي، لم يتبنوا أي استراتيجية طبقية لمواجهة الإمبريالية، وظلت مواقفهم تنطلق من مساعدة الفقراء ودور الطلبة في مواجهة الصفوة الأمريكية وبناء العالم الجديد.

وفي مارس 1968 أيضًا انفجرت حركات طلابية واسعة في جامعات وارسو في بولندا، ومدريد وسانتياجو في أسبانيا الفاشية، وفي مارس 1968 أيضًا انفجرت حركة طلابية في مصر احتجاجًا على هزيمة 1967، التي فضحت الدعاية التي روجها النظام الناصري عن نفسه طول الوقت حول قدرته في تحقيق المشروع القومي المستقل، وكانت هذه الحركة أول مواجهة طلابية مع النظام الحاكم في مصر منذ يوليو 1952.

الحركة الطلابية في مصر

كان موقف النظام الناصري من الطلبة بعد انقلا يوليو، ينطلق أساسًا من ضرورة كسبهم والسيطرة عليهم، واعتمد في ذلك على سياستين، الأولى خاصة بالمناهج والنظم التعليمي، حيث تم تسييس المناهج في اتجاه المزج بين الفخار الوطني والولاء السياسي للدولة، والتأكيد على الطابع القومي والوطني للنظام، بالإضافة إلى دعم نموذج الحياة السياسية الخالي من المشاركة بتكريس سلطة المدرس وأسلوب الحفظ والأحادية والروتين، أما السياسة الثانية فكانت الدعاية للنظام برسم صورة غير حقيقية لدور الطلبة في المجتمع الجديد، نتيجة للتوسع في التعليم العالي، التحقت أعداد واسعة من أبناء البرجوازية الصغيرة بالجامعة، حتى أصبحوا يمثلون غالبية الطلاب، وفي محاولة من النظام للسيطرة على تلك الطبقة كان يروج لوهم مشاركتها في الحكم عن طريق الجيل الجديد من أبنائها خريجي الجامعات.

إلا أن ممارسات النظام الاستبدادية وسياساته الاقتصادية، بدأت تفضح تدريجيًا كل تلك الأوهام، وبعد هزيمة 1967 وانهيار المشروع الناصري، انفجرت سلسلة من حركات الاحتجاج الطلابية، المعادية بدرجات متفاوتة للنظام بدأت بانتفاضة 1968 واستمرت بعد طوال عهد السادات.

في مطلع عام 1972 صعدت حركة طلابية جديدة، كان سببها الرئيسي عدم تنفيذ السادات لوعده بأن يكون عام 1971 هو عام الحسم، وتشكلت في قيادة الحركة "اللجنة الوطنية العليا لطلاب جامعة القاهرة"، التي طرحت وثيقة مطالب، عبرت عن برنامج سياسي للحركة، وتحددت المطالب في النقاط التالية:-

1. ضرورة خوض حرب تحرير شعبية شاملة لاستعادة الأراضي المحتلة بالقوة، وعدم جدوى القرار 242 والوسائل الدبلوماسية.

2. المطالبة بالديمقراطية عن "طريق حرية الصحافة والمشاركة في الحكم، ولم تطرح الحركة في ذلك الوقت مبدأ التعددية الحزبية.

3. ضرورة قيام اقتصاد حرب، تقدم فيه كل طبقة اجتماعية تضحيات نسبية تحدد على أساس قدرتها على المساهمة.

4. وسوف نلاحظ بعض الخصائص الهامة في الحركةالطلابية لعام 1972 مثل:

أولاً: انفردت الحركة الطلابية بمطلب حرب التحرير الشعبية في مواجهة إسرائيل وبهدف تحرير الأرض مما أعطاها أهمية كبيرة بين الجماهير في ذلك الوقت.

ثانيًا: كانت مطالبة الحركة بالديمقراطية والمشاركة في الحكم، تعكس انهيار الوهم الذي حاولت البرجوازية ترويجه، بالسماح للبرجوازية الصغيرة بالمشاركة في الحكم عن طريق الجيل الجديد من أبنائها المتعلمين.

ثالثًا: هيمنت فصائل اليسار الستاليني على الحركة الطلابية واستطاعت أن تبتدع أشكالاً تنظيمية ناجحة، كجماعة أنصار الثورة الفلسطينية واللجنة الوطنية العليا للطلاب، وساعدت هذه الأشكال على ربط الحركة في جميع الكليات وفي توحيد المطالب السياسية والطلابية.

رابعًا: افتقار الحركة إلى رؤية طبقية صحيحة لطبيعة السلطة الحاكمة في مصر، وأعربت عن ثقتها في وطنية تلك السلطة بمحاولاتها تقديم الوثيقة الطلابية إلى رئيس الجمهورية في ذلك الوقت، ويعود الطابع الوطني لمطالب الحركة وغياب الرؤية الطبقية داخلها، إلى عدم وجود تلك الرؤية لدى الفصائل الستالينية ذات الطابع الوطني المهيمنة على الحركة.

وفي عام 1973 اشتعلت الحركة الطلابية مرة أخرى، لكنها في هذه المرة كانت موجهة أساسًا لقضية الديمقراطية وضد استبداد النظام، بعد تلويحه ببداية حل القضية الوطنية، وخوضه الحرب في مواجهة إسرائيل، وفي عام 1973 بدأ التيار الإسلامي في الظهور داخل الجامعة، وخلال فترة قصيرة من الوقت لم تتعد عدة سنوات أصبح يسيطر على معظم الاتحادات الطلابية، ولقد نضج في البداية في التعاون الحذر التكتيكي مع النظام الذي أبدى الرغبة في ذلك لكسر شوكة اليسار داخل الجامعة، واستطاع التيار الإسلامي أن يستثمر تلك الفرصة بفاعلية، حتى أصبحت له شعبية واسعة بين الطلاب.

 ويمكن أن نحدد ثلاث عوامل أساسية ساعدت على نمو التيار الإسلامي وسط الطلبة الجامعيين في مصر:-

أولا: الضوء الأخضر الذي أعطته الدولة للجامعات الإسلامية في البداية، بالإضافة لقانون اتحاد الطلبة مما ساعد الجماعات في السيطرة على اتحادات الطلبة، ووجدت منبرًا شرعيًا لدعايتها مكنها من توطيد صفوفها.

ثانيًا: تراجع تأثير اليسار داخل الجامعة، نتيجة للتراجع النسبي للقضية الوطنية، التي كانت محورية بالنسبة لليسار وعلى رأس جدول أعمال الحركة الطلابية التي هيمن عليها، وساعد ذلك على نمو التيار الإسلامي دون وجود منافس حقيقي.

ثالثًا: تكتيك تقديم خدمات عملية واجتماعية للطلبة، الذي اتبعته الجماعات الإسلامية، مثل طباعة مذكرات بأسعار رخيصة أو تسيير أوتوبيسات خاصة للفتيات، هذه الخدمات التي تعالج مشاكل يومية مزمنة بالنسبة للطلاب، تزينها مجموعة من الشعارات البسيطة شديدة القرب من عواطفهم، تخلق نفورًا بينهم وبين المجتمع الذي يعيشونه، وترغبهم في مجتمع إسلامي حقيقي يحققون فيه كل أمانيهم.

وعلى الرغم من نمو التيار الإسلامي، إلا أن اليسار الستاليني ظل له وجود داخل الجامعات المصرية، طوال السبعينات والثمانينات، وإن كان وجودًا محدودًا، إلا أن ذلك لم يمنعه من المشاركة بشكل أو بآخر في الحركات الجماهيرية، يأتي على رأسها انتفاضة 18 – 19 يناير 1977، التي لعب فيها دورًا كبيرًا، وإن لم يكن قد تخلص بعد من أوهامه حول وطنية السلطة، ففي اللحظة التي كانت الجماهير فيها تحطم كل ما يرمز إلى السلطة الطبقية في مصر، خرجت المظاهرات الطلابية من الجامعة يقودها الطلبة اليساريون باتجاه مجلس الشعب، للمطالبة بإلغاء القرارات التي أدت إلى الانتفاضة.

وخلال الثمانينات اشتعلت انتفاضة طلابية صغيرة في 1985 و 1987 وفي يناير 1991 اشتعلت انتفاضة طلابية أكثر حدة، بسبب حرب الخليج، انتشرت في عدد من الجامعات، وشارك فيها عدد كبير من الطلبة، وشهدت مواجهات دامية مع الشرطة أدت إلى مصرع أحد الطلبة، سيطرت عليها الشعارات القومية، ولم يستطع اليسار أن يطرح أي برنامج طبقي في تلك الحركة، أو يستثمرها في كسب عدد أكبر من الطلاب، نتيجة لغياب الأطر التنظيمية والبرامج الثورية التي يمكن أن تلعب هذا الدور، في مواجهة الشعارات القومية والدينية.

إن ما يسمى باليسار الجديد والذي ظهر في إطار الانتفاضات الطلابية في أوروبا في الستينات، كان يطرح أن الطلبة هم القوة الاجتماعية البديلة للطبقة العاملة التي فقدت ثوريتها، وأنهم بتحالفهم مع المثقفين، قادرين على تحرير العمال وتحرير العالم من النظام الرأسمالي، ونحن كاشتراكيين ثوريين نرى في هذا الطرح تمييعًا للصراع الطبقي واستبدالية فجة، فالطبقة العاملة هي القوة الاجتماعية الوحيدة القادرة على تدمير الرأسمالي، وتحرير نفسها وتغيير العالم، والطلبة ليسوا طبقة اجتماعية ولا يمكن أن يكونوا، فهم ـ كما ذكرنا من قبل ـ جماعة من الشباب من طبقات اجتماعية مختلفة في مرحلة انتقالية مضطهدون ويعانون من أزمة معرفية وحالة اغتراب عامة، وهذه الأزمة وحالة الاغتراب تسمح لأعداد كبيرة منهم أن يتبنوا رؤية ماركسية ثورية، لكن هذا لا يمكن أن يتحقق، دون أن يكون مطروحًا عليهم برنامج ثوري في إطاره السياسي والتنظيمي، يبتعد عن الأوهام القومية، ويطرح استراتيجية طبقية ثورية.

Partager cet article
Repost0